بين صخرة إيران وتآكل الردع الصهيوني: لا مكان للحياد

بقلم_  حسن عبد الهادي العكيلي

في مشهد يعيد التاريخ نفسه، تتكرر مواقف الظالمين المرتبكين في لحظة الحقيقة.
منذ سنوات، هدّد الكيان الصهيوني علنًا بتدمير المفاعل النووي الإيراني، لكن بدا واضحًا آنذاك حجم التهديد والخوف من نهوض قوة إسلامية مستقلة في المنطقة.
أما اليوم، وبعد أعوام من الحروب النفسية والضربات غير المباشرة، يتراجع التصريح الإسرائيلي ليقول إن الهدف هو فقط إلحاق ضرر بالمفاعل، لا تدميره.
هذه اللغة ليست مجرد تغيير تكتيكي، بل تعكس تآكل الثقة الصهيونية بقدرتها العسكرية والاستخبارية، وتؤشر إلى تحول استراتيجي يُجبر المعتدي على التراجع أمام صخرة الصمود الإيراني.

يشبه هذا التذبذب قول إخوة يوسف:

> “اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا”
فمن نية القتل إلى الطرح، ومن الوعيد إلى التراجع، يظهر وجه المعتدي المتلون، المتردد، والمأزوم.
وهذا هو حال الكيان الصهيوني ومعسكره المتواطئ من الأنظمة الهشة، حيث تتآكل المبادرة وتتحول القوة إلى ردّ فعل جبان.

 

الصمود الإيراني اليوم ليس مجرد عنوان سياسي، بل واقع يومي تُدوّن فيه بطولات جبهة داخلية متماسكة، واعية، وقادرة على فضح وتساقط شبكات التجسس والعملاء.
لقد أصبح المواطن الإيراني يمتلك ما يشبه “أربع عيون وست آذان”، يرصد كل حركة مريبة، وكل تواصل مشبوه، ويشارك بفعالية مع الأجهزة الأمنية.
هذه العلاقة بين الدولة والشعب ليست شعارًا، بل شراكة واعية في الدفاع عن الوطن والعقيدة.

وفي المقابل، نرى كيف انكشفت أوراق النفاق العربي، وتورط البعض علنًا في خدمة الأجندة الصهيونية، سياسيًا وأمنيًا وحتى إعلاميًا.
فالمعسكرات اليوم لم تعد غامضة: المعسكر الصهيوني وأعوانه من جهة، والمعسكر الإسلامي المقاوم من جهة أخرى.
لم يعد هناك مكان للرمادية أو الحياد، فكل صامت اليوم هو شاهد زور، وكل متردد هو خائن في ميزان المعركة.

إيران اليوم تقف شامخة رغم الحصار والضغوط، لأنها لم تراهن يومًا على رضا المحتل أو تفهم الغرب، بل اعتمدت على قاعدتها الشعبية، وعلى مشروعها الإسلامي القائم على العزة والكرامة.
وما يؤلم المعتدين أكثر من الصواريخ والمفاعلات، هو أنهم يواجهون أمة حيّة، تعرف من عدوها، وتنتصر لدم الشهداء، لا لمنابر التطبيع ولا لقصور الخيانة.
إنها معركة وعي، قبل أن تكون معركة سلاح، ومعركة إرادة قبل أن تكون معركة مواقع.

 

عن الكاتب

حسن عبد الهادي العكيلي
كاتب سياسي وباحث متخصص في التحليل الاستراتيجي للعلاقات الدولية، ويُعنى بقضايا السيادة والاستقلال الوطني في وجه مشاريع الهيمنة الغربية والصهيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى