يوم المباهلة ويوم الجمهورية الإسلامية

بقلم _ د.أمل الأسدي

نعيش اليوم ذكری ” يوم المباهلة” ذلك اليوم الفاصل الكاشف، يوم خرج رسول الله الأعظم برفقة الإمام علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين(صلوات الله عليهم) ليباهلوا نصاری نجران، وقد وثّق القرآن الكريم هذا الحدث في قوله: ((ٝفَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)) فتعال يارعاك الله، لنقف عند الآية وقفةً أخری؛ فالإنسان بطبيعته لايقدّم أحدا علی أولاده، فأغلی ما يملكه هو الولد، ولايمكن أن يفرّط ببنيه وأمواله إلا حين يكون مضطرا للحفاظ علی حياته والنجاة بنفسه؛ لكن مع الأسرة المحمدية فالأمر مختلف، فهي أسرة رسالية عظيمة، تليق بأفرادها التضحية، وتليق بهم البطولة، وتليق بهم الشجاعة، هم الإيمان كله، بقوته، بثقله، بمكانته!
ومن هنا، نعرج علی قوله تعالی:((وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)) إذ نلحظ الفرق الشاسع بين الأمرين أو النمطين، النمط الأول الذي يستعد للتضحية
بالنفس من أجل الحق، بينما النمط الآخر الذي يحرص علی “حياة” أي حياةٍ كانت، حتی وإن كانت حياة حيوانية غريزية، حياة مهينة حقيرة، حياة شيطانية، فهذه “حياة” التي يحرص عليها اليهود الذين فضحهم الله تعالی في سياق قرآني مؤكَّد!
ولأن القرآن الكريم دستورٌ حي مستمر، ولأن مصاديق الحق باقية وخطه دائم، ومصاديق الباطل باقية وخطه مازال قائما؛ نعيش الآن هذه الأحداث، إذ يصر خط الشيطان اليهودي في لُهاثه نحو “حياة” أي حياة وإن كانت علی حساب دماء الأبرياء، وأرواح الأطفال والنساء والعلماء والشباب، فهم يلهثون مذعورين حرصا علی حياتهم!
وبضغطةِ زرٍ واحدة تری مشاهد لاعد لها، تجسد حال اليهود وجبنهم وذعرهم وخوفهم علی” حياة”
بينما تجد امتداد أسرة المباهلة وخطها، الذين لايخافون الموت، ولايحرصون علی الحياة، فرضا الله تعالی ودينهم ومبادئهم فوق الحياة والأنفاس؛ لهذا كان نصيب أغلبهم الشهادة، فهي اصطفاء وتقدير ومرتبة لاتليق إلا بالشجعان!
وعليه فإن الموت لايخوّف الأبطال والقادة، بل إنه دعوة إلی الانضمام الی أسرة المباهلة وطريقهم، فقادة النصر ثم سيد الجنوب ورفاقه ثم قادة الجمهورية الإسلامية الذين مضوا في هذه الحرب العدوانية الشيطانية التي شنها هولاء الحريصون علی ” حياة”؛ إنما هم يلبون دعوةَ أسرة المباهلة وخطهم الرحماني، فلا قيمة لحياة بعيدة عن الكرامة والحق والقيم السامية، لاقيمة لحياة بلا رضا الله تعالی، ومن ثم وعد الله متحقق لامحالة فقد قال مُقِرِّا سنته:((…فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)) إذن؛ نحن مع أسرة المباهلة، وحياتهم التي اختاروها، ومنهجهم الذي اعتمدوه، وطريقهم الذي عبدوه بالتضحيات، نحن مع الجمهورية الإسلامية وخطها، خط المباهلة العظيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى