منذ نشأتها… كانت الشيطان الأكبر
بقلم _ ريما فارس
منذ لحظة ولادتها السياسية، سارت أمريكا على درب الإبادة والنهب. بدأت مجازرها مع السكان الأصليين في القارة، لتُبنى على أنقاضهم دولة لم تعرف يومًا العدل، بل احترفت العدوان.
من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى أمريكا اللاتينية، زرعت الحروب، دعمت الانقلابات، وفرضت الحصار على الشعوب، متذرعة بـ”نشر الديمقراطية” وهي تمارس أبشع أنواع الهيمنة.
حين وصفها الإمام الخميني (قدّس سره) بـ”الشيطان الأكبر”، لم يكن توصيفًا عاطفيًا، بل تشخيصًا لحقيقة كيان قام على القتل والخداع والسيطرة. ولعقود، خدعت العالم بصورة زائفة عن “الحرية والحلم الأمريكي”، بينما كانت في العمق تقود مشاريع الفوضى والدمار.
اليوم، تتجلّى حقيقتها بوقاحة أكبر: تدعم إسرائيل بلا قيد، توفّر الغطاء لكل مجازرها، وتسوّق القتل على أنه “دفاع عن النفس”. إسرائيل هي الطفل المدلّل عند أمريكا. أما أدواتها في المنطقة، فترى فيها حمايتها شرطًا لبقائها، ولو على حساب شعوبها.
ترامب حين قال إنه سيُغيّر وجه الشرق الأوسط، لم يكن يكذب، لكنه لم يوضّح أن التغيير سيكون عبر الحروب والتقسيم والخراب، لا عبر التنمية أو العدالة. فمن سوريا إلى العراق، ومن فلسطين إلى اليمن، كان التغيير دمويًا، هدفه محو الذاكرة، تهجير السكان، وتحطيم كل من يرفض الهيمنة.
وفي هذا السياق، استهدفت أمريكا مؤخرًا منشآت نووية إيرانية، أبرزها نطنز وفوردو، في محاولة يائسة لإيقاف مسيرة علمية سلمية أرعبت الكيان الإسرائيلي وأقلقت الغرب. لكنها، كما في كل مرة، لم تُدرك أن إيران لا تساوم على كرامتها.
لا ندري كيف سيكون الرد، لكن ما نعلمه أن هذا العدوان لن يمرّ بصمت. فإيران لا تُرهبها الضربات، بل توحّدها، وتدفعها نحو المزيد من التحدي والاكتفاء.
وكما كانت فلسطين محور الصمود، فإن اليمن اليوم، بجبهته البحرية وموقفه الصارم، يقدّم نموذجًا حيًّا على أن محور المقاومة لم يعُد محصورًا بحدود الجغرافيا، بل بات يمتد من الخليج إلى المتوسط، من طهران إلى صنعاء، حيث الردّ يتخذ أشكالًا متعددة: من استهداف السفن الداعمة للعدو، إلى كسر الهيمنة على البحر.
لقد تغيّر الشرق الأوسط فعلًا، لكن ليس كما أرادت أمريكا. بل تغيّر بوعي الشعوب، وبصمود محور المقاومة، وبصوت يخرج من تحت الركام ليقول: إذا كانت أمريكا لا تفهم إلا لغة القوة، فهل حان الوقت لكي تسمع الجواب؟