هل استخدمت أمريكا فعلًا قنابل خارقة على فوردو؟ حقائق، شكوك، وتناقضات
بقلم _ ضياء ابو معارج الدراجي
في فجر منتصف حزيران 2025، تداولت وسائل الإعلام تقارير تؤكد قيام الولايات المتحدة بشن ضربة جوية على منشأة فوردو النووية الإيرانية، مستخدمةً ما وُصف بأنه أخطر سلاح غير نووي في ترسانتها: قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57A/B، بوزن 13 طنًا لكل واحدة.
الخبر، رغم ضخامته، لم يصحبه أي دليل مادي مباشر، من صور أقمار صناعية دقيقة، أو فيديوهات لطائرات الشبح B-2 في الأجواء، مجرد بيان من الاعلام الامريكي وتغريدات ترامب. وبين هالة التصعيد الإعلامي، وغياب الأدلة الواقعية، بدأت التساؤلات تفرض نفسها: هل استخدمت أمريكا فعلًا هذا النوع من القنابل؟ أم أن كل ما حدث مجرد عرض وهمي مدروس؟
القنبلة الخارقة… سلاح نادر لا يُستخدم بهذه السهولة
قنبلة GBU-57 المعروفة باسم MOP (Massive Ordnance Penetrator)، هي قنبلة مصممة خصيصًا لضرب أهداف شديدة التحصين، مثل فوردو أو نطنز أو منشآت كوريا الشمالية.
خصائصها:
وزن: 13.6 طن
قدرة اختراق: 60 مترًا من الخرسانة أو 40 مترًا من الصخور
تكلفة: 15 مليون دولار للقنبلة الواحدة
عدد القنابل التي تمتلكها أمريكا: حوالي 20 فقط
منصة الإطلاق الوحيدة: طائرة الشبح B-2 Spirit
وبحسب الرواية الامريكية والاسرائيلية، فقد استُخدمت 12 قنبلة منها في ضربة واحدة بواسطة ٦ طائرات B-2، ما يعني استنزاف أكثر من 60% من المخزون الإستراتيجي لهذا السلاح، وهو قرار عسكري يصعب تصديقه إلا في حالات الحرب الشاملة.
كذلك طيران B-2… المسار الطويل يثير الشبهات ايضا
لضرب فوردو، يجب أن تُقلع طائرة B-2 من قواعدها إما في الولايات المتحدة أو من قاعدة بعيدة مثل دييغو غارسيا. وتقول الروايات إن الطائرة سلكت مسارًا معقدًا:
“من أمريكا عبرت المحيط الأطلسي، ثم البحر المتوسط، فالأجواء اللبنانية، السورية، العراقية، إلى أن وصلت إيران، ثم عادت بالطريق ذاته.”
لكن السؤال المحوري هنا:
لماذا لم تسلك الطائرة الطريق المستقيم الأقصر من امريكا عبر أوروبا وتركيا مباشرة إلى إيران؟
خاصة وأن أمريكا:
تملك قواعد عسكرية وجوية في أوروبا الشرقية وتركيا
وهي تدعي أن B-2 لا يمكن كشفها بأي رادار في العالم
إذا كانت فعلاً غير مرئية، فلماذا الخوف من المرور فوق أوروبا أو تركيا؟
هذا المسار الطويل والمعقد يزيد من الكلفة والتعقيد ويطرح احتمالًا جوهريًا:
ربما لم تُستخدم B-2 أبدًا في هذه العملية.
الشكوك تتعاظم… هل كانت مجرد استعراض سياسي؟
ما يُعزز الشك أكثر هو أن أي ضربة باستخدام GBU-57 يجب أن تُحدث أثرًا كارثيًا تحت الأرض، نظرًا لقدرتها على اختراق أعماق الصخور والانفجار داخل المنشآت نفسها.
لكن حتى الآن:
لا صور للأقمار الصناعية تُظهر دمارًا كبيرًا في فوردو
لا بيان رسمي من إيران يتحدث عن انهيار أو دمار داخلي واسع
لا دلائل على تدخل B-2 فعليًا.
ان البديل المحتمل: F-35 وقنابل JDAM
الأرجح، وفق التقديرات عسكرية لحجم الضربة، أن ما حدث كان ضربة جوية محدودة بطائرات F-35 الأميركية أو الإسرائيلية، باستخدام قنابل تكتيكية أرخص مثل:
GBU-39 (وزن 110 كغ، دقة عالية، اختراق خفيف)
GBU-31 JDAM (تكلفة بين 170,000 إلى 300,000 دولار)
وهذه القنابل تُستخدم لاستهداف فتحات التهوية أو مداخل المنشآت وليس اختراق الجبال، مما يجعل الهجوم رمزيًا أكثر منه تدميريًا.
غسيل العار الإسرائيلي؟
من زاوية سياسية، تأتي هذه الضربة بعد أسابيع من ضربات صاروخية موجعة لإسرائيل من الجمهورية الاسلامية إضافة إلى توترات في غزة، والجنوب اللبناني، وسوريا.
يُعتقد أن الولايات المتحدة أرادت أن:
تُظهر لإسرائيل أنها ما زالت تقود المشهد
ترسل رسالة ردع لإيران دون الدخول في حرب
تغطي على الفشل الاستخباراتي والعسكري الإسرائيلي في الفترة الأخيرة
والحل؟ تنفيذ ضربة جوية محدودة بقنابل رخيصة، مع الترويج الإعلامي أنها تمت باستخدام أقوى سلاح غير نووي أمريكي، لإقناع الداخل الإسرائيلي، وردع الخارج.
في الختام… القنبلة الحقيقية قد تكون الكذبة
في عالم الحروب الحديثة، ليس كل سلاح يُستخدم فعلاً، بل قد يُذكر فقط كأداة نفسية وإعلامية.
ما حدث في فوردو قد لا يكون قصفًا بـ13 طنًا من الفولاذ، بل قصفًا بـ13 طنًا من الضجيج الإعلامي.
ربما لم تسقط قنابل خارقة في فوردو، بل سقطت قنبلة كذبة أمريكية… وصدّقها البعض، مؤقتًا.
ضياء ابو معارج الدراجي