النتن يصلب عجوز أمريكا

بقلم _ أحلام الصوفي

كما زعم اليهود أنهم صلبوا المسيح، يُعيد التاريخ نفسه في مشهد ساخر قاتم، إذ يبدو أن بنيامين نتنياهو، بذكائه الماكر وتحالفاته المصلحية، قد صلب اليوم أمريكا على صليب الحروب والاستنزاف، مستغلًا شيخوخة النظام الأمريكي وعجزه المتزايد عن قراءة المتغيرات الدولية.

نتنياهو لم يعد مجرد رئيس وزراء لكيان مغتصب، بل أصبح محرّكًا خفيًا لقرارات البيت الأبيض، يوجّهها حيث يشاء، ويقذف بها إلى أتون النزاعات الإقليمية والدولية، في أوكرانيا، في تايوان، وأخيرًا لا آخرًا في المنطقة الأكثر اشتعالًا: الشرق الأوسط.

ترامب، الذي يُصنف كأحد أبرز رموز العجوز الأمريكي، تماهى مع نزعات الصهيونية العالمية، ومنح الكيان ما لم يكن يحلم به سياسيًا واقتصاديًا، وأسّس لنهج كارثي من التدخلات العشوائية والقرارات الانفعالية، فتورطت أمريكا أكثر فأكثر في حروب لا تملك مخرجًا منها، وسقطت في مستنقع الصراع مع محور المقاومة وإيران وروسيا والصين.

اليوم، نرى أمريكا على وشك أن تُستهلك أخلاقيًا، اقتصاديًا، وعسكريًا. فالإدارات المتعاقبة باتت أسيرة لابتزاز اللوبي الصهيوني، الذي يُحرك الإعلام والسياسة ويدفع نحو توترات تخدم تل أبيب وتُرهق واشنطن.

في المقابل، العالم يعيد تشكيل نفسه، والتحالفات الإقليمية تنهض خارج عباءة الهيمنة الأمريكية. لقد أُنهكت الرأسمالية الأمريكية من الداخل، وتراكمت ديونها، وتزايدت الانقسامات العرقية والسياسية والاجتماعية، بينما تُنزف مواردها على مذابح الطمع الإسرائيلي.

هكذا، وبسخرية التاريخ، فإن نتنياهو لم يصلب مسيحًا هذه المرة، بل صلب العجوز الأمريكي على أعمدة الوهم، وتركه يواجه مصيره المحتوم: الانهيار الكبير.

#اتحاد_كاتبات_اليمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى