أين غزة من اتفاقكم؟؟؟

بقلم_  د. محمد حسن الرقيمي

في ظل ما يُتداول عن اتفاق تهدئة بين إيران والكيان الصهيوني بوساطة قطرية واقتراح أمريكي نتساءل بمرارة أين غزة من هذا الاتفاق وأين وقف العدوان على الشعب الفلسطيني من حسابات طهران كيف يُقبل بوقف التصعيد بينما غزة تعاني كل يوم من مجازر وقصف وتجويع وحصار خانق تموت فيه النساء والأطفال وتحترق فيه البيوت على رؤوس ساكنيها دون أن يهتز لأحد ضمير.

لقد باتت مشاهد الدمار والدماء عنوانًا دائمًا لألم شعب محاصر يعاني وحده في ظل صمت مطبق من الذين يدّعون دعم القضية الفلسطينية فنتساءل أين أنتم من صرخات الأطفال تحت الأنقاض ومن أنين المستشفيات المنهكة ومن وجع الأمهات الثكالى وأين موقع غزة من اتفاقاتكم ومصالحكم ولماذا تُستثنى دائمًا من حساباتكم السياسية ومفاوضاتكم السرّية.

إن أي اتفاق لا يشمل وقف العدوان على غزة هو اتفاق أعرج لا يمت للعدالة بصلة بل هو صفقة باردة تُدار خلف أبواب مغلقة على حساب دماء الأبرياء يُعد تخلّياً واضحاً عن الواجب الإنساني والأخلاقي تجاه شعب يُباد أمام أعين العالم ومن المؤسف أن من كان يدّعي الانحياز لفلسطين وخاصة الجمهورية الإسلامية الإيرانية يكتفي بالصمت أو البيانات المتكررة دون أن يكون له دور فعلي حاسم أو موقف رادع.

غزة لا تحتاج خطباً ولا عواطف لا يكفي أن ترفع شعارات المقاومة من على المنابر بينما أهلها يُقصفون وتُدفن أحلامهم تحت الركام المقاومة ليست فقط بندقية المقاومة صوت سياسي شجاع يتحمل مسؤولية الأخلاق قبل المصالح.

كيف تُقبل إيران بتهدئة مع عدو يقتل الأبرياء ويقصف البيوت ويخنق غزة بالحصار دون أن تطالب برفع الحصار ووقف الجرائم هل فقدت هذه القضايا مركزيتها في العقل السياسي المقاوم هل باتت غزة مجرد هامش في دفتر الحسابات.

نرفض بشدة أي تهدئة تُبنى على حساب دماء أهل غزة ونحذر من أن تتحول المصالح الإقليمية إلى غطاء لصمت مريب لأن المعادلة الأخلاقية واضحة لا سلام مع من يرتكب الجرائم يوميًا بحق شعب أعزل ولا تهدئة دون ثمن حقيقي يوقف النزف المستمر.

غزة ليست ورقة مساومة ولا ساحة منسية بل هي قلب هذه الأمة من يفرّط فيها الآن سيسقط من ضمير الأمة غدًا ومن يتاجر بها اليوم ستلفظه ذاكرة الشعوب حين تُعاد كتابة التاريخ.

نقولها وقلوبنا تعتصر ألمًا لا تتركوا غزة تنزف وحدها في ليلها الطويل لا تتركوها تصرخ في العراء دون مجيب غزة لا تحتاج بيانات تعزية ولا مؤتمرات فارغة بل تحتاج أن نقف معها كما يُحتضن الجسد الجريح تحتاج منّا أن نكون صوتها حين تُخنق أنفاسها بركام الصمت.

أطفالها الذين ناموا على رائحة البارود بدل الحكايا وأمهاتها اللواتي ما عادت دموعهن تجف لا يستحقون أن يكونوا ورقة في لعبة نفوذ دولية كيف ترضون أن تمرّ المجازر وأنتم صامتون هل فقدت المواقف بوصلتها هل سقطت غزة من ضميركم.

إن التاريخ لا ينسى الشعوب لا تمحو من خذلها في لحظة احتياجها سيأتي اليوم الذي يُسأل فيه الجميع من وقف مع غزة حين سقطت من حسابات الأقربين ومن تخلّى عنها وتركها تحترق وحدها في ليل العدوان الطويل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى