الإمام الحسين (ع): من جاد ساد.. ومن نفّس كربة مؤمن فرّج الله عنه كرب الدنيا والآخرة
بقلم _ الشيخ حسن عطوان
روي أنَّ الإمام الحسين ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) خطب يوماً في الناس ، فقال :
( أيها الناس مَن جادَ ( 1 ) سادَ ( 2 ) ، ومن بَخِل رَذِلَ ( 3 ) ، وإنّ أجودَ الناس مَن أعطى مَن لا يرجو ( 4 ) ، وإنّ أعفى الناس من عَفى عن قدرةٍ ، وإنّ أوصلَ الناس من وَصلَ من قَطَعَه ، والأصولُ على مغارِسِها بفروعها تَسمو ( 5 ) ، فمن تعجَّلَ لأخيه خيراً وجَدَه ( 6 ) إذا قَدِم عليه غداً .
ومَن أراد الله ( 7 ) تبارك وتعالى بالصنيعة ( 8 ) إلى أخيه كافأه ( 9 ) بها في وقتِ حاجته ، وصرف عنه من بلاءِ الدّنيا ما هو أكثر منه .
ومن نَفَّسَ كُربَةَ مُؤمِنٍ فَرّج الله عنه كَرْبَ الدنيا والآخرة ، ومن أحسنَ أحسن اللهُ إليه ، والله يُحبُّ المحسنين ) ( 10 ) .
عظّم الله أجوركم .
*************
( 1 ) الجود : كثرة العطاء .
وقيل : الجواد هو الذي يعطي بدون طلب ، صيانة للآخذ من ذلِّ السؤال .
( 2 ) ( ساد ) : صار سيّداً في قومه .
( 3 ) ( رَذِلَ ) : أي : يصير منبوذا .
( 4 ) أي : أعطى لمَن لا يرجو أنْ يردّ له الجميل .
( 5 ) ( والأصول على مغارسها بفروعها تسمو ) :
أي : كما أنّ الأشجار المغروسة ، تنمو بفروعها فتطول وتكبر وتنمو فتصير أضعافاً مضاعفة ، فكذلك هذه الصفات التي يجمعها أنّها في قضاء حوائج الآخرين ، ستنمو وتسمو عند الله سبحانه .
أو : كما أنَّ الأصل هو ما يحدد قيمة وفائدة الفروع ، فكذلك الأمر هنا حيث أنَّ نية الإنسان هي ما تحدد قيمة أعماله .
ولعل مراده ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) : كلا المعنيين .
( 6 ) عند الله سبحانه .
( 7 ) أي : قصد رضاه والتقرب اليه سبحانه .
( 8 ) الصنيعة : الموقف مع أخيه معنوياً كان أو ماديا .
( 9 ) الله سبحانه .
( 10 ) الحلواني ، الشيخ الحسين بن محمد بن الحسن ، ( من أعلام القرن الخامس الهجري ) ، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر ، ص 81 – 82 ، تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، قم المقدسة .
*********