الـــجـــزء الـــثـــانــي الإمـام الحسين عليه السلام في رحلته العاشورائية

بقلم _ إعداد شاعرة الصمود / وفيه العمري

خرج الحسين عليه السلام فودع قبر جده وأمه وأخاه وصافح أرواح البقيع الهائمة في إشراقات النور السرمدي ثم عاد إلى داره وجمع بنيه وإخوته وبني أخيه وأهل بيته الذين هم أمانة في عنقه وأطلعهم على الخروج في تلك الساعة
وخيرهم بين البقاء أو أن يخرجوا معه وتشبثوا به وهم يبكون قائلين /
ولمن تتركنا بعدك يا أبا عبدالله
فبكى الحسين رحمة ورأفة بهم وتجهزوا للرحيل
وساروا معه

خرج الحسين عليه السلام وأهل بيته من المدينةقبل الليلة الأخيرة من رجب عام ستين للهجرة تحت جنح الليل وهو يقرأ ( فخرج منها خائفاً يترقب قال ربِ نجتي من القوم الظالمين)
القصص آية 21

فلما سار الحسين وأهل بيته مسافة ظهر شخص من بعيد فتوجسوا جيفة بمعنى إفتجعوا أن يكون ذلك الشخص أرسله الوليد ين عتبه أو أرسله يزد بن معاوية فلما إقترب منهم نادى الحسين عليه السلام.
من القادم أي من أنت

فأجاب السلام عليك يا ابن رسول الله أنا عبدالله بن مطيع العدوي
قال الإمام الحسين وعليك السلام فما وراءك بمعنى ماذا تريد أو ما تشتي
فرد عبدالله بن مطيع العدوي جعلت فداك ياابن رسول الله أين تريد
فأجابه الحسين عليه السلام
أما الآن فمكة وأما بعد ذلك فإني أستخير الله
فقال له عبدالله بن مطيع

( خار الله لك فإذا أتيت مكة فلا تقرب الكوفة فإنها بلدة مشؤومة بها قًتل أبوك وخًذل أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه إلزم الحرم ( أي إجلس في الحرم) فأنت سيد العرب لا يعدل بك أهل الحجاز أحدا لا تفارق الحرم فداك عمي وخالي فوالله لئن هلكت لنُسترقن بعدك)

فقال له الحسين ( لقد نصحت فأحسنت جزاك الله خيرا إن الأمر لله وهو أحكم الحاكمين

ثم ودعه وواصلو طريقهم إستغرق الإمام الحسين عليه السلام ومن معه مسافة خمسة أيام من مكة إلى المدينة وكان القلق يخيم عليهم

وصل الإمام الحسين ومن معه مكة في الليل وهو يقرأ قوله تعالى ( فلما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) القصص 22

فعانقتهم مكة المكرمة ومسحت عنهم غبار الطريق بيدها الحانية

بعد أن أنهى الحسين طوافه حول الكعبة جلس مابين الركن والمقام فاجتمع حوله مجموعة من أهل مكة وأحاط به القادمون من كل فج عميق. لأداء مناسك العمرة

كان ابن الزبير قد هرب إلى مكة عندما كان يلاحقه الوليد بن عتبه وعندما أتى الحسين إلى مكة غضب ابن الزبير لكنه أخفى ذلك في نفسه
لأنه كان يريد البيعة لنفسه وأهل الحجاز لن يبايعوه مادام الحسين موجود لأنه أعظم عندهم من إبن الزبير
كان إبن الزبير يشير على الإمام الحسين بالخروج من مكة والحسين ساكت لم ينطق بكلمة فلما ألح إبن الزبيرعلى الحسين

قال له ( لقد فوضت أمري إلى الله فلأنتظر نفاذ
مشيئته
فبينما هم جالسون أتاه كتاب من البصرة ( بمعنى أتاه رسول من البصرة ومعه رساله

فعندما علم بذلك إبن الزبير وكأنه ناصحا للحسين قال( فهلا ذهبت إلى ناصريك بالبصرة)
فلم يلتفت إليه الحسين عليه السلام ثم قام وقال له

) لا تعجل ياابن الزبير فإن قضاء الله لآت وإن إرادته لنافذة)

كان النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ممن رفضوا بيعة الإمام علي بن أبي طالب وقاتل مع معاوية في معركة صفين ضد الإمام علي وبعثه معاوية ليغير على منطقة إسمها ( عــيــن تـمــر)

فأرعب أهلها وسلبهم أموالهم ورجع إلى معاوية بالغنائم فأعطاه ولاية الكوفة عام 58هـ
عندما علم أهل الكوفة موت معاوية وأن الحسين إمتنع عن مبايعة يزيد لم يبايعو يزيد وأرادوا أن يبايعوا الحسين عليه السلام فقمعهم النعمان وسلط عليهم رجاله لعله يكرههم على بيعة يزيد

فبعثوا جميعهم رسائل إلى الحسين عليه السلام يبايعوه وهكذا إستمرت الرسائل تصل إلى الإمام الحسين بالمبايعة على السمع والطاعة حتى بلغت الرسائل نحوا 12 ألف كتاب أي رسالة

عندما علم يزيد بن معاوية بأمر الكتب والرسل
أرسل إلى إبن عباس في مكة رسالة فيها ترغيب للحسين وترهيب لأبن الزبير
فقال له إبن عباس ( إن عماله أساءوا إلى الحسين عليه السلام وقالوا له كلام فاحش فترك حرم جده ومنازل آباءه وجاء إلى مكة مستجيرا بحرم الله)

في ذلك الوقت جاء إلى الحسين عليه السلام كتابا ( رسالة) من أهل الكوفة جاء فيه

( أما بعد فقد أخضرّ الجناب وأينعت الثمار فإذا شئت فاقدم على جندٍ لك مجندةٍ وإن لك هنا مائة ألف سيف فلا تتأخر وإذا لم تقدم خاصمناك غداً بين يدي الله)

إجتمع الرسل عند الإمام الحسين فسألهم. عن الناس فقالوا إنهم في إنتظار قدومك ليعطوك البيعة قام الحسين وصلى ركعتين بين الركن والمقام وكتب كتابا واحدا أي رسالة واحدة وأرسله مع هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي
والرسالة لأهل الكوفة يخبرهم فيها بقدمه إليهم في القريب

ثم دعا الحسين عليه السلام ابن عمه مسلم بن عقيل وأعطاه الكتاب وقال له ( إني موجهك إلى أهل الكوفة وسيقضي الله من أمرك مايحب ويرضى فعليك بالتقوى واللطف وكتمان أمرك فإن رأيت الناس مجتمعين مستوثقين عجل إلي بذلك وأنا أرجوا أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء فامض على بركة الله وانزل عند أوثق أهل الكوفة)
فعانق إبن عقيل الحسين وقبله وودعه وألقى على الكعبة المشرفة نظرة الوداع وهو يعرف خطورة أمره وجسامة مهمته

سار مسلم بن عقيل ومشى من مكان يقال له ( بطن الحُبيت) وهو مكان يقع حوالي المدينة من جهة مكة وبدا ذلك المكان كله وكأنه قطعة عظيمة من الرمضاء المستعرة التي قطعت من جهنم جلس مسلم بن عقيل ومن معه رحاله في هذه المنطقة المفجعة وقد إستبد بهم التعب وتقرحت أكبادهم من شدة الحر والعطش

فكتب إلى الإمام الحسين قائلا ( أما بعد فإني قد أقبلت من المدينة ومعي دليلان فضلا عن الطريق ( أي نسوا الطريق) واشتد عليهما العطش فماتا ولم ننج إلا بحشاشة أنفسنا بمعنى لم ننج إلا نحن في مكان يدعى ( المضيق) من بطن الخُبيت فإن رأيت أعفيتني وبعثت غيري والسلام)

وأرسل الكتاب ( الرسالة) مع قيس بن مُسهر الصيداوي. وجلس ينتظر

ولم يتحرك مسلم من مكانه في المضيق حتى أتاه مُسهر بكتاب الحسين عليه السلام وجاء فيه( فقد خشيت ألا يكون حملك على الكتابة إلى هو الإستعفاء (الإعتذار) من الوجه الذي وجهتك إليه إلا الجبن فامض لوجهك الذي وجهتك إليه والسلام)

فلما قرأ مسلم الكتاب انتفض قائما قائلا ( أما هذا فلا أتخوفه على نفسي)

سار ابن عقيل فقطع الطريق في نحو عشرين يوما قضاها في مواجهة الأخطار وتحمل المشاق
حتى وصل إلى الكوفة ونزل بدار المختار بن عبيدة الثقفي
ولما علم أهل الكوفة بقدوم مسلم بن عقيل توافدوا عليه واجتمعوا عليه في دار المختار الثقفي
وقرأ عليهم ابن عقيل كتاب الحسين عليه السلام فبكوا وانتحبوا وقام رجل منهم يدعى عابس بن شبيب الشاكري فحمد الله وأثنى عليه وقال ( أما بعد فإني لا أخبرك عن الناس ولا أعلم مافي أنفسهم وما أغرنك منهم ولكني والله أحدثك عما أن موطّن نفسي عليه(أي أكلمك بما أنا مصمم عليه) والله لأجيبنكم إذا دعوتم ولأقاتلن معكم عدوكم ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله لا أريد بذلك إلا ما عند الله

فقام حبيب بن مظاهر وبايعه وكذلك سعيد بن عبدالله الحنفي وأخذ الناس يبايعون ابن عقيل حتى بايعة نحو 18 ألفا على أن يحاربو من حارب ويسالموا من سالم

فرح إبن عقيل وارتاحت نفسه وكتب إلى الحسين عليه السلام قائلا ( الرائد لايكذب أهله وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا فعجل بالقدوم حين يأتيك كتابي) أي رسالتي

وبعث بالرسالة مع عابس بن شبيب الشاكري
وما زال اهل الكوفة يتوافدون على ابن عقيل في دار المختار الثقفي ويقدمون البيعة للإمام الحسين حتى بلغ عددهم أربعين ألفا
قلم يعجب ذلك أشياع بني أمية وخافوا أن يفلت الأمر من أيديهم
فسارو إلى النعمان بن بشير والي يزيد على الكوفة فجمع الناس وصعد المنبر وخطب فيهم ليردهم عن مبايعتهم للحسين ويوعد ويرعد ويهددهم بالقتل وسفك الدماء

تم تعيين عبيد الله بن زياد من قبل يزيد بن معاوية على الكوفة بدلا من النعمان بن بشير لأنه كان والي البصرة فصعد المنبر قبل مغادرة البصرة وتوعد وارعد بالقتل والتنكيل لكل من ينقض بيعته ليزيد ثم انطلق إلى الكوفة قبل أن يصلها الحسين عليه السلام

كان موسم الحج قد إقترب واخذ الناس يتوافدون لأداء مناسك الحج فبعث عمروا بن العاص الملقب بالأشدق إلى عامله الجديد على المدينة وعقد له لواء الحج وأمره بأن يأخذ جيشا جرارا وأن يقبض على الحسين عليه السلام سرا فإن لم يستطع قتله غيله قتله ولو كان متعلقا بأستار الكعبة
كما دس ثلاثين رجلا من أشرار بني أمية وأمرهم بقتل الحسين بأي طريقة

ولما علم الحسين مكيدة يزيد عقد العزم على التوجه إلى الكوفة ولم يتم الحج وقبل أن يغادر الحسين عليه السلام مكة خطب في الناس قائلا

( الحمدلله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله وصلى الله على رسوله خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني لأسلافي إشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا ملاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات وبين النواويس وكربلا فيملآن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خُط بالقلم رضى الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا إجور الصابرين لن نشذ عن رسول الله لحمته بل هي مجموعة له في حظيرة القدس تُقر بهم عينه وينجز بهم وعده من كان باذلا فينا مهجته وموطئا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا
فإني راحلا مصبحا إن شاء الله تعالى)

وصل خبر نية الحسين الخروج من مكة ففرح إبن الزبير وأتى يسأل الحسين عليه السلام اين سيذهب فقال إلى الكوفة
ثم قال الحسين عليه السلام لإبن الزبير ( إن أبي حدثني أن بمكة كبشا به تُستحل حرمتها فما أحب أن أكون ذلك الكبش ولئن أُقتل خارجا منها بشبر أحب إلي من أن أُقتل فيها وأيم والله لو كنت في ثقب هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم والله ليعتدن عليّ كما إعتدت اليهود في السبت )

طبعا الكبش هو ابن الزبير عندما يهجم عليه جيش يزيد وهو متحصن بالكعبة فيحرق الكعبة بالمنجنيق والنيران لكن الجشع والطمع وحرصه على خروج الحسين من مكة أعماه فلم يسأل من هو ذلك الكبش

فقال ابن الزبير فأجلس إن شئت وتوليني الأمر فتطاع ولاتعصى
فقال الحسين ولا أريد هذا أيضا

كان عند الحسين عليه السلام جماعة من اصحابه فجاء إليه إبن عباس وقال له ( يا ابن عم إني أتصبر ولا أصبر إني أتخوف عليك في هذه الوجه الهلاك والإستئصال إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم
أقم في هذا البلد فإنك سيد أهل الحجاز وإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عاملهم على الكوفة وعدوهم ثم أقدم عليهم
فإن أردت أن تخرج فسر إلى اليمن فإن بها حصوناً وشعاباً وهي أرض عريضة وطويلة ولأبيك بها شيعة وأنت عن الناس في عزلة فترسل إلى الناس وتبث دعاءك فإني أرجو أن يأتيك الذي تحب وأنت في عافية

فقال له الحسين لقد عزمت المسير إلى الكوفة

جاء الليل فدخل المدينة رجل ملثم وخلفة مجموعة من الرجال وكان كلما مر على أناس رحبو به ظنا منهم أنه ابن رسول الله حتى وصل الرجل وجماعته بقصر النعمان بن بشير والي الكوفة فطرقوا باب القصر فلم يفتح الباب النعمان بن بشير
فصاح ابن زياد إفتح الباب فعرف الناس أنه ابن زياد فخاف الناس وتقهقروا حتى وطأ بعضهم بعضا

أي رجعوا للخلف حتى دعس كل واحد الآخر وهم يصرخون إبن زياد. إبن زياد في الصباح جمع ابن زياد الناس وخطب فيهم قائلا ( أما بعد فإن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ولاني مصركم وثغركم وفيئكم وأمرني بالإحسان إلى سامعكم ومطيعكم وبالشدة على مريبكم وعاصيكم ثم قال ( وأبلغوا هذا الرجل الهاشمي إبن عقيل أن يتقي غضبي) إلخ

وأمر بن زياد بمجموعة من الناس من أهل الكوفة. الموالين للإمام الحسين فضربت أعناقهم أمام الناس

بعد ذلك نشر بن زياد والي الكوفة عيون الجواسيس في أنحاء الكوفة
لكي يعرفوا من هم الذين مع الحسين عليه السلام وليعرف مكان مسلم بن عقيل رسول الحسين إلي الكوفة

دخل شرطة بن زياد على إبن زياد وقد قبضوا على شيخ أصلع تبدو عليه علامات التقوى والصلاح قد يبس جلده من الزهد والعبادة عاد لتوه من العمرة نظر إليه ابن زياد نظرة المرتاب وقال
من هذا فقال له عمرو بن حريث
آنه ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن أبي طالب
فقال اين زياد مايقول عمروا
فأجاب عليه ميثم
بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقا
فغضب بن زياد غضبا شديدا ولكنه مسك نفسه
وسأل ميثم
أخبرني ماذا قال لك صاحبك إني فاعل بك
فقال له ميثم أخبرني أمير المؤمنين علي أنك ستصلبني في النخلة
وإني أول خلق الله ألجم في الإسلام كما تلجم الخيل
فقال بن زياد لنخالفنه
فرد عليه ميثم بطمأنينة بالغة وقال له

ويحك كيف تخالفه فوالله ما أخبرني إلا عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرائيل عن الله تعالى فكيف تخالف هؤلاء

فسأله بن زياد وهل صرح بإسمي
فأجاب ميثم بلى قال لي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقتلك العُتل الزنيم إبن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد
فانفجر بن زياد غاضبا وقال
( والله لأقطعن يدي يديك ورجليك ولأدعن لسانك حتى أكذبك وأكذب مولاك
تبسم ميثم وقال
والنخلة التي بالكناسة والتي ما غذيت إلا لها رما غذيت إلا لي
فضحك ابن زياد وأخذته النشوة بالنصر قائلا
لقد قطعتها

ثم أمر جنوده أن يأخذوا ميثم للسجن

عندما علم مسلم بن عقيل أن إبن زياد أمر جنوده بإلقاء القبض على كل من له علاقة بالحسين فترك دار المختار الثقفي ولجأ ألى دار هانى بن عروة المرادي وهو رجل ممن يحب الإمام علي بن ابي طالب وشيعته

كان في دار هانئ بن عروة رجل من محبي الامام علي وشيعته وهو شريك بن الأعور الهمداني البصري فمرض مرضا شديدا أراد بن زياد ان يزوره لما بينهما من صحبه وتواصل فأرسل اليه وأخبره بأنه سيزوره

وكان هانئ بن عروة المرادي وشريك الهمداني ومسلم بن عقيل قد اتفقا على أنه إذا جاء بن زياد قتلوه

فعاتب شريك هانئ ومسلم قائلا(لماذا لم تقتله فقال مسلم منعني خصلتين

الأولى / كراهية هانئ إن يُقتل بن زياد في داره
والثانية/ قول النبي صلى الله عليه وآله ( إن الإيمان قيد الفتك فلايفتك مؤمن)

فقال هانئ أما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا كافرا)

عندما علم بن زياد وتأكد من وجود مسلم بن عقيل في دار هانئ بن عروة عن طريق الجاسوس الملعون الذي إسمه معقل أحضره إلى قصره بحيله
فلما أنكر ذلك هانئ بن عروه وحدثت مشادة كبيرة بينهما إقترب ابن زياد من هانئ بن عروة وأخبره بأنه إذا لم يسلمه مسلم بن عقيل فإنه سيضرب عنقه
وحدث ما حدث من ضرب لهانئ وكسر أنفه حتى سالت الدماء من وجهه وأخذوه للحبس عندما علمت قبيلته مذحج بأن هانئ قد قتله بن زياد حاصروا قصر بن زياد ولكنه طمئنهم بأنه لم يُقتل وأنه حي فانصرفوا

أرسل مسلم بن عقيل رجلا من ثقاته ليسأل عن أخبار هانئ بن عروه فأخبره بأنه تم ضربه وحبسه فجمع ابن عقيل 18 ألف من أهل الكوفة
وكانو ينادوا يا منصور أمت

وحاصروا قصر بن زياد

فأمر بن زياد من كانوا عنده من الجند والأشراف أن يتوزعو بين الناس ويمنوهم بالعطايا والمال
فصعد كثير بن شهاب إلى أعلى القصر وخطب في الجموع
( أيها الناس الحقوا بأهلكم ولا تعجلوا الشر ولا تعرضوا أنفسكم للقتل فإن جنود أمير المؤمنين يزيد بن معاوية قد جاءت وقد أعطى الأمير عهدا لئن أقمتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيتكم أن يقتل ذريتكم وأن لا يرحم أحدا)

فلما سمع أهل الكوفة مقالتة أشرافهم أصابهم الوهن والخوف وضعفت عزيمتهم فانقلبو على مسلم بن عقيل وأخذوا يتفرقوا من حوله وأخذ كل واحد منهم يثبط الآخر ويخوفه بجند الشام وبالقتل

لم يبق مع ابن عقيل سوى خمسمائة جاء المساء ذهب ابن عقيل ليصلي بالمسجد صلاة المغرب ونظر حوله فلم يجد سوى ثلاثين شخصا
فلما خرج من المسجد فلم يكد يبلغ أبواب كنده إلا ومعه عشرة أشخاص فلما تجاوز أبواب كندة وجد نفسه وحيدا ليس معه أحد

مشى ابن عقيل حتى وصل إلى باب إمرأة يقال لها ( طــوعــه ) كان لها ولد عاصي إسمه( بــلال)

طلب منها ابن عقيل ماء فسقته ثم دخلت دارها فلما خرجت لتنتظر ولدها وجدت ابن عقيل لايزال جالسا

فسألته ماذا به فأخبرها بقصته ومن هو فخبأته في دارها

وكانت تحضر له الطعام والماء ليلا فشم بذلك ولدها بلال فأصر أن تكلمه لماذا تصبر إلى المساء وتأخذ الطعام والماء وتدخل تلك الدار

فحلفته قبل أن تخبره بأن لا يخبر أحد فحلف لها بذلك

أخذ بن زياد يبحث هو ومن معه عن ابن عقيل فلم يجدوه
وبينما بن زياد وحصين بن نمير ومحمد بن الأشعث في الجامع إذ دخل عبدالرحمن بن محمد الأشعث وكلم أبيه بأن إبن عقيل في دار إمرأة يقال لها طوعة زوجة أسيد الحضرمي وقد أخبره بذلك إبنها ففرح ابن زياد وبعث جنوده للقبض على إبن عقيل

فلما سمع إبن عقيل حوافر الخيل أمتشف سيفه
فقاتلهم ابن عقيل قتالا شديدا فقتل منهم الكثير ولكنهم تكالبو عليه واثخنوه بالطعنات وقطعوا شفة فمه العليا وثساقطت أسنانه وصعدوا على أسطح المنازل وكانوا يرجموه بالحجارة ويشعلو النار في القضيب أي الحطب ويلقونها عليه
فأخذ يقاتلهم وهو يقول

أقسمت لا أقُتل إلا حرا
وإن رأيتُ الموت شيئاً نكرا
كل إمرئ يوما يلاقي شرا
أضربكم ولا أخاف ضرا. إلى النهاية
فطعنه رجل من خلفه فسقط على الأرض فاجتمعوا عليه وجردوه سيفه أي أخذو سيفه
وكتفوا يديه أي ربطوها

فطلب من الأشعث أن يرسل للحسين بأن لايقدم للكوفة لأنهم غدارون وناكثوا العهود

إعداد / وفيه العمري

//////////////////////////////////////////////////

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى