العراق والمقاومة الإسلامية: موقف حكيم في معركة استراتيجية
بقلم _ وليد الطائي
تساؤلات عديدة طرحتها بعض وسائل الإعلام، بل حتى بعض الأوساط الشعبية، حول عدم تدخل فصائل المقاومة الإسلامية في العراق خلال المعركة الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني. البعض ذهب إلى التأويل، والبعض الآخر تبنّى نظرية المؤامرة أو التخاذل، غافلين أو متغافلين عن حقيقة واضحة وصريحة، صرّحت بها طهران بجلاء: “لا نقبل بتدخل أي طرف في هذه المعركة، ولدينا القدرة الكاملة على مواجهة الكيان الصهيوني بمفردنا.”
هذه ليست تحليلات، بل معلومة رسمية نُقلت من مصادر موثوقة: إيران أبلغت كل الأطراف في محور المقاومة – من العراق إلى لبنان واليمن – بعدم التدخل، لكون المعركة مع الكيان الصهيوني جزء من حسابات استراتيجية خاصة، أرادت الجمهورية الإسلامية أن تديرها بأدواتها وقرارها السيادي، لتوصل رسائل ردع حاسمة دون تعقيد الجبهات أو جر المنطقة إلى تصعيد واسع.
مقاومة عراقية منضبطة
المقاومة الإسلامية في العراق لم تتأخر، ولم تتراجع، ولم تغب، بل التزمت بالقرار المركزي الذي أرادته إيران، وأثبتت مرة أخرى نضجها وانضباطها ضمن مشروع محور المقاومة. فالمعركة لم تكن بحاجة إلى مشاركة مباشرة، بل كانت بحاجة إلى وعي استراتيجي، وتلك سمة بارزة من سمات المقاومة العراقية.
القدرات الإيرانية كافية.. ورسالة الردع وصلت
المصدر ذاته يؤكد أن إيران تمتلك القدرة على استهداف جميع القواعد الأمريكية في المنطقة، وأنها قادرة – متى ما قررت – على إخراجها من الخدمة العسكرية خلال ساعات. كما أن الجمهورية أثبتت أنها قادرة على توجيه ضربات دقيقة ومؤثرة للكيان الصهيوني، من دون الحاجة إلى تدخل أطراف أخرى، وهو ما يعطي المعركة بُعدًا سياديًا واستقلاليًا قويًا.
على من يُشكك أن يصمت
كل من يشكك بموقف العراق أو مقاومته، إنما يُردد أقاويل العدو أو يُعيد إنتاج سرديات مضادة لمحور المقاومة. وعلى هؤلاء أن يتذكروا مواقف المقاومة العراقية في السنوات الماضية، منذ الاحتلال الأمريكي وحتى معارك تحرير العراق من داعش، وكذلك الردود المتكررة على الوجود الأمريكي في العراق، وآخرها التصعيدات المؤلمة التي لم تُنس بعد.
معركة اليوم ليست نهاية الطريق
الهدوء لا يعني الركون، وعدم المشاركة المباشرة لا يعني الغياب. فالمقاومة العراقية حاضرة، وسلاحها مشرّع، ووعيها في ذروته. وكل ما جرى خلال المعركة الأخيرة يؤكد أن محور المقاومة اليوم أكثر تنسيقًا، وأكثر قدرة على إدارة المعارك الكبرى بعقل جماعي ناضج وقرار مستقل.
فليطمئن الشرفاء، ولتصمت الألسنة المشككة، فالمقاومة لا تنام.. بل تتحرك حين تُطلب، وتصمت حين يجب أن يُصغى لصوت الحكمة.