الإمام الحسين قائد المحور… نهجه في إيران، وعباسه في لبنان، وعقيله في سوريا، وسيفه في اليمن، وأرضه غزة، وأحراره في العالم.
بقلم _ عدنان عبدالله الجنيد
بسم الله القاصم لجبروت الطغاة، والناصر لدماء الشهداء، ومزلزل عروش المستكبرين…
ثورة الإمام الحسين عليه السلام ليستْ واقعةً جامدةً في كتبِ التأريخ، بل هي بركانٌ متحرّكٌ في وجوهِ المستكبرين، وشرارةٌ لا تنطفئ في كلِّ أرضٍ يعلو فيها صوتُ المظلوم.
إنها الثورة التي اجتمعت فيها القيمُ، والأهداف، والمبادئ الإلهية التي أسقطت شرعية يزيد، وأسقطت من بعده كلَّ طاغوت، مهما تزيّن بثوبِ الدين أو ادّعى التقدّم والديمقراطية.
قالها الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، فهزّت عروشَ الجبابرة:
“هيهات منا الذلة”
“أنا أحقّ من غير”
“مثلي لا يبايع مثله”
“ما خرجتُ أشِرًا ولا بطرًا، ولكن خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله”
وقالتها زينب في قصر الطغيان، فدوّت إلى يومنا:
«فكد كيدك واسعَ سعيك وناصب جهدك، فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا»
وها هو ذكرُهم اليوم في كلّ ساحة، ووحيُهم يُتلى في كل محور، وأمدُهم يمتدُّ من عاشوراء إلى طوفان الأقصى.
نهجه في إيران… حيث الدولة تسير خلف الحسين:
لم تكن الثورة الإسلامية في إيران مجرّد تحركٍ سياسي، بل كانت إحياءً عصريًا لثورة كربلاء.
الإمام الخميني قدس الله سره رفع شعار الحسين، وجعل من عاشوراء وقودًا لتحريك ضمير الأمة.
فاستخدمت الثورة رمزية عاشوراء وشعار “يا لثارات الحسين” لتكون إعلانًا دائمًا على مقاومة الظلم، ومجابهة الاستكبار العالمي.
إنّ الجمهورية الإسلامية، ومن بعدها قيادة السيد علي الخامنئي، جعلت من دعم فلسطين ورفض الصهيونية موقفًا إيمانيًا وحسينيًا، لتغدو إيران اليوم الحاضن السياسي والعقائدي الأول لمحور المقاومة، والراعي لفكرة أن “الحسين ما زال حيًّا…”.
عباسه في لبنان… حيث الراية لا تُسقط:
في كل ساحةٍ لبنانية، وفي كلّ مقاومة ضدّ الاحتلال، كان العباس حاضرًا.
وحزب الله جسده الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه عباس المحور،هو الوفاء المتجدد لأخ الحسين، الذي قاتل حتى بُترت يداه ولم يتراجع.
أعاد لبنان تمثيل دور العباس لا كرمزيةٍ بل كقيادة، حاملةٍ للواء، واقفةٍ في الميدان، تُجيد فنون الصبر وتكتيك التضحية، حتى بات العدو يعترف أن لا نصر له ما دام في الجنوب رجلٌ يهتف باسم العباس.
عقيله في سوريا… حيث لا خيانة بعد مسلم بن عقيل:
كما أُرسل مسلم بن عقيل إلى الكوفة سفيرًا للحسين، أُنيطت بسوريا أمانة السفير في محور المقاومة.
لكن هذه المرة لم تتكرّر خيانة الكوفة، بل كانت دمشق الصخرة التي تحطّمت عليها مؤامرات التطبيع والفتنة والتمزيق.
استقبلت المقاومين، واحتضنت الفلسطينيين، وحمت ظهر لبنان.
سوريا لم تخن، فاستحقت أن تكون عقيلة الحسين في أرض الشام، وفاءً وثباتًا وصبرًا في وجه جحافل النفاق العربي.
سيفه في اليمن… حيث الضمائر الحية لا تُقيّد:
في اليمن، الإمام الحسين حيٌّ يُرزق.
في خطاب القائد السيد عبدالملك الحوثي،يحفظه الله، وفي دماء الشهداء، وفي شعار “هيهات منا الذلة” الذي تحوّل إلى ثقافة قتال وعقيدة ثورية.
هنا لم يُرفع السيف إلا على باطل، ولم يُشهر إلا في وجه مستكبر.
من إغلاق البحر الأحمر في وجه الصهاينة، إلى استهداف البوارج الأمريكية، إلى نصرة غزّة فعلًا لا قولًا، ها هو سيف الحسين يُشهر من صنعاء ويضرب في يافا.
إنّه المشروع القرآني الذي استلهم الحسين لا من البكاء، بل من الدماء، ومنه أعلن اليمن أنه شريك في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.
أرضه في غزة… حيث الرضيع لم يُفطم بعد:
غزة هي كربلاء هذا العصر:
في كلّ طفلٍ شهيد، وامرأةٍ مغدورة، وعائلةٍ محروقة، يُستشهد عبد الله الرضيع من جديد.
لكن في كلّ قاذفةٍ تُضرب، وصاروخٍ ينطلق، وقنّاصٍ يُردى، يُبعث الحسين من تحت الركام.
عملية طوفان الأقصى ليست إلا امتدادًا لثورة كربلاء. خرج المجاهدون لا لأشَرٍ ولا بطر، بل طلبًا للإصلاح في أمة أذلّها الطغاة.
أحراره في العالم… حيث لا تُباع الكرامة بثمن من أمريكا اللاتينية إلى إفريقيا، من كشمير إلى البحرين، من العراق إلى نيجيريا،أحرار العالم كلهم وقفوا في محراب الحسين.
تعلموا من توبته، وثباته، وصرخته، أن لا حياد بين الحق والباطل، وأن للحرية ثمنًا لا يدفعه إلا الأحرار.
ها هم يهتفون اليوم من خلف أسوار السجون وفي ميادين القتال:
“لن نبايع الطغاة، ولن نعترف بشرعية المستكبرين”.
رسالة إلى الطغاة:
إن كنتم قد ظننتم أن الحسين قد قُتل في كربلاء، فاسألوا البحر الأحمر لماذا يغضب؟
واسألوا غزّة لماذا لا تموت؟
واسألوا طائراتكم المُسيرة لماذا تتساقط؟
واسألوا عناد اليمن، وسكينة لبنان، وزلزلة العراق!
الحسين صرخ في كربلاء:
“مثلي لا يبايع مثلكم”
واليوم يصرخها كل حرّ في وجوهكم:
لن نركع، لن نساوم، لن نعترف بكم مهما ساد ظلكم…فأنتم نهاية، ونحن البداية. أنتم كيان زائل، ونحن أمةٌ تُولَدُ من دم.
الخاتمة:
طوفان الأقصى… عاشوراء المتقدمة:
طوفان الأقصى هو السيلُ الذي انطلق من نهر كربلاء، فاجتاح جيوش يزيد المعاصر.
هو سيفُ اليمن، ورايةُ لبنان، وسفارةُ سوريا، ونهجُ إيران، وصمودُ غزّة، ونبضُ الأحرار في كلّ مكان.
وسيبقى صدى كلمات الحسين يُختصر في معادلة المقاومة اليوم:
“هيهات منا الذلة… مثلي لا يبايع مثله… خرجتُ لطلب الإصلاح…”
وستظل زينب تُعلنها في وجه الطغاة:
“والله لن تمحوا ذكرنا، ولن تميتوا وحينا، ولن تدركوا أمدنا.”