البراءة طريق الإيمان الحق “من الكفر بالطاغوت إلى نصرة آل البيت”

بقلم _ رسول حسين أبو السبح 

إنّ البراءة من أعداء الله وأعداء المذهب وأعداء أهل البيت (عليهم السلام) ليست خيارًا عاطفيًا أو موقفًا سياسياً عابرًا، بل هي أصلٌ من أصول الإيمان، وجوهرٌ من جوهر العقيدة التوحيدية التي تأمر بالولاء لله ورسوله وأوليائه، والبراءة من أعدائهم. فمن أراد الإيمان بالله حقًا، فعليه أن يُعلن الكفر بالطاغوت، مصداقًا لقوله تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256].

 

إنّ البراءة ليست شعارًا مجردًا، بل التزام عملي يتجلّى في رفض الظالمين والطغاة والمنافقين، أولئك الذين نصبوا العداء لأهل بيت النبوة وورثة الكتاب، من لحظة انقضاض السقيفة إلى مذبحة كربلاء، ومن محاكم التفتيش العباسية إلى الإرهاب المعاصر المتلبّس بلبوس الدين.

 

وإنّ قول الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): “هل الدين إلا الحب؟” [الكليني، الكافي، ج2، ص125]، يربط الحب والولاء بإعلان البراءة، إذ قال تعالى: {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} [المجادلة: 22].

 

وهكذا، حين نقول: “إنّي سلمٌ لمن سالمكم، وحربٌ لمن حاربكم، ووليٌّ لمن والاكم، وعدوٌّ لمن عاداكم”، فإننا نُعلن ميثاق البراءة من كل من حادّ الحق وتنكّر للنور، وولاءنا لمن جعلهم الله سفن النجاة وباب الرحمة.

 

ولا تكتمل شهادة التوحيد “لا إله إلا الله” إلا برفض كل طاغوت يُنازع الله في حكمه، ويُعادي أولياءه. فالطاغوت ليس فقط صنمًا يُعبد، بل هو كل نظام أو فكر أو سلطان يقف في مواجهة منهج الله ووصاية أهل البيت (ع).

 

وقد ورد في تفسير القمي عند قوله: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} [المائدة: 55]، أنهم علي بن أبي طالب (ع) وأتباعه، وفي ذلك إثبات أنّ الولاء محصورٌ بأولياء الله، والبراءة لا تقبل التنازل أو المهادنة.

 

إذن، البراءة ليست كراهية شخصية، بل هي موقف إيماني يحدد مصير الإنسان: أن يكون مع الله ورسوله وآله، أو أن يكون مع الطاغوت وأحزابه. وبين الولاء والبراءة، يُختبر صدق الإيمان، ويُرسم خط الانتماء إلى النور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى