ظالماً او مظلوماً
بقلم _ قاسم الغراوي
كاتب ومحلل سياسي
لماذا يضع الانسان نفسه بين احد هذين الخيارين ،احدهما امر من الثاني ويتمنى ان يكون مظلوماً لاظالماً .
والسؤال يطرح نفسه ؛ لماذا يود ان يكون مظلوما لا ظالماً ؟
هل يخاف حساب الاخرة حتى لايكون حسابه عسيراً كما الظالم الذي لايفلت من عقاب الله .
ولماذا يرتضي لنفسه الركون للظلم والاستسلام ويتقبل المهانة والمذلة وهو قادر ان يثور ضد الظالم ؟ الم يكن الجهاد هو كلمة حق عند سلطان جائر ؟ وهل ينتظر ان تتغير الحياة مع بقاء الفاسد والظالم حينما تبقى مستسلما لهذا الظلم ؟ ولماذا نؤمن بالاقوال لكننا بعيدين عن الافعال ؟ الم تكن راية الحسين (هيهات منّا الذلة ) مصداقاً لمواقفه ضد الظلم والفساد ؟
نعم لقد رفع الحسين بن علي بن ابي طالب رايته ( هيهات منّا الذلة) لقيادة ثورة الاصلاح ضد الفساد وهو مؤمن بما اقدم عليه ويعرف جيدا بان التاريخ سيحتفظ بطهارة ثورته وعنوانها على مر العصور .
كان يؤمن ان موته حياة للاخرين ودرساً عظيماً للثوار في العالم وحرية للامم وان دماءه الزكية ستأذن للثورات في كل زمان ومكان وفي كل العصور حينما رفع راية لم تنتكس ولم يرضى لها بديلا لانه يبحث عن حرية الامة من خلال خلاصها من الظلم والفساد .
الحسين لم يرضى لنفسه ان يكون خاضعاً ذليلا ويقبل بقدره مظلوماً لا ظالماً ، ولانه لم يكن ظالماً لن يقبل ان يكون مظلوماً .
علينا ان نعيد قراءة المشهد التأريخي وان نناقش بعقل وتفكر تلك الاحداث والقصص التي تدعو للاستسلام لسلطة الحاكم وان كان ظالماً او فاسداً ، بحجة ان تكون مظلوماً افضل من ان تكون ظالماً وان الحاكم الظالم هو ولي الامر ولايجوز الخروج عن طاعته وان كان ظالماً .
لماذا نستسلم لهذا الظلم والهوان ونستكين للذلة مع علما ويقيننا بعدالة الله سبحانه وتعالى ولم يكن بظلام للعبيد وهو العادل القاهر لعباده لكنه لايرضى بالظلم .
يقول عز من قائل مخاطباً عباده المؤمنين: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون} (هود:113).
وقال (ان الله يامر بالعدل والاحسان ) وكم من قرية تم خسفها لظلمها وكم من امة طمست واندثرت بقدرته لانها ظالمة وكم من سلطان وملك ظالم جرى عليه قصاص الله وعدله .
كفانا ان نركن للمفسدين الذين عاثوا في الارض الفساد والظلم الذي اغرقنا به حكام البلاد والعباد ، ولايزال الظالمين مستمرين في غيهم وفي فسادهم اما ان الاوان لتصدح كلمة قوية مدوية في سماؤنا تهز اركان الظالمين ومضاجعهم حينما نكون اولى بالحسين لرفع رايته (هيهات منّا الذلة ) ولنا فيه قدوة حسنة وهو يلهمنا معاني الثورة كما الهم جيفارا وغاندي من قبلنا وكل احرار العالم .