▪صلح الإمام الحسن وموقعه من ثورة الإمام الحسين .

بقلم _ عدنان أحمد الجنيد

▪الحلقة الثانية :

والترك والتسليم لايعني التنازل بل هو من باب التسليم للأمر الواقع وقد كان مضطرا لذلك ولاحيلة للمغلوب على أمره
– تجد في الرواية السابقة: ” ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ” فكلمة ” عظيمتين ” زيادة باعتراف ابن حجر شارح كتاب البخاري، فقد قال: قوله: ” بين فئتين من المسلمين زاد عبدالله بن محمد في روايته عظيمتين …” (1) فتح الباري [ ٥٤/١٣ ].

وأما العجلي فقد زاد الطين بلة حيث وصف الفئتين بالمؤمنين حيث قال: ” ويصلح الله به بين فئتين من المؤمنين عظيمتين ” (2) الثقات [ ٢٩٧/١٢ ].

أقول: إن هذه الرواية ” إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين ….. سواء كانت الكلمة من المؤمنين أو المسلمين ”
هذه رواية موضوعة قطعاً :
أولاً: الرواية مشهورة عن أبي بكرة وهو من المنحرفين عن الإمام علي – عليه السلام – ومن الذين رووا روايات كاذبة تثبط القتال مع الإمام علي – عليه السلام – في جميع حروبه
ثانياً: كيف تتساوى الفئة الباغية بالفئة المحقة ؟
أيكون علي بن أبي طالب على حق في قتاله لمعاوية ،وبنفس الوقت يكون معاوية على حق في قتاله لعلي، أيعقل هذا ؟!
ألم يقل الله تعالى ( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) فالآية تأمر بقتال الفئة الباغية، وقد ثبت أن من قتل علياً كانوا بغاة ظالمين ودعاة إلى النار وقتالهم فريضة ..
يقول رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – : ” عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ” (3) رواه البخاري برقم “447”
فالذين قتلوا عماراً هم فئة معاوية الفئة الباغية
قال الذهبي: “كان مع علي أربعة آلاف من أهل المدينة ممن شهد بيعة الرضوان، وقد قتل مع علي بصفين خمسة وعشرون بدريا منهم عمار” (4) تأريخ الإسلام للذهبي [484/3].
وقال ابن حجر: “قتل من أصحاب بيعة الرضوان مع علي ثلاثة وستون رجلا منهم عمار”(5) الآصابة لابن حجر [388/3].
فهل يعقل بعد هذا أن تكون فئة معاوية التي هي فئة باغية من دعاة النار ثم تصير في زمن الإمام الحسن فئة عظيمة مؤمنة ؟!
أيكون المنافق مؤمناً ؟ ألم يقل رسول الله ” يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ” رواه مسلم
أيكون من قاتل علياً واستحل الحرمات وارتكب الموبقات من المؤمنين ؟!
ثانياً : كذلك لو كانت رواية ” لعل الله أن يصلح به بين فئتين ….’ لو كانت – هذه الرواية – على سبيل الجدل صحيحه فهل الإمام علي كان مخطئاً في قتال القاسطين الفئة الباغية ؟!
لأنه لم يصطلح معهم ، وهل الحسن – لو سلمنا جدلاً من أن صلحه لم يكن لضرورة فرضها الواقع – هل كان أفضل رأيا من أبيه في حقنه للدماء ؟
إن الإمام الحسن كان يريد قتال معاوية بدليل أنه زاد المقاتلة مائة كما نقلت كتب التأريخ وذلك بعد مبايعة الناس له.، اعطى المقاتلة تحفيزا لهم على القتال والمواجهة وكذلك اشترط على الناس عندما بايعوه بالإجماع بقوله:” تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتابوا بذلك وقالوا ماهذا لكم بصاحب وما يريد إلا القتال “(6)الكامل في التأريخ لابن الأثير [402/3].
وكذلك كتب إلى معاوية بكتاب(7) شرح النهج لابن أبي الحديد [106/16] .
وهدده بالحرب إن لم يدخل فيما دخل الناس من بيعته لأنه ولي الأمر وطاعته واجبة..
لقد أعد الإمام الحسن عدته وجهز جيشه، لكن نتيجة معطيات ظروف الواقع مع مالمسه من تثاقل وتخاذل من جيشه وعدم صدقهم معه ولأمور أخرى رأى أن قبوله بالصلح أوجب وأسلم ولوكان يرى أن المواجهة أوجب وأسلم لما توقف ولما قبل بالصلح
ثالثاً: لو كانت هذه الرواية صحيحة لما حث الحسن وبذل كل الجهود من أجل قتال معاوية، ولما صدرت منه تلك العبارات التي قالها لمن لاموه على قبوله بالصلح ..وسيأتي ذكر أنموذج منها ..
ولما كان – أيضاً – قبوله بالصلح اضطرارياً طالما قد قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بأن الله سيصلح به بين فئتين من المسلمين .. ولن يخفى عليه مثل هذا الحديث الذي تكلم به النبي (صلى الله عليه وآله) وهو على المنبر فكما سمعه أبوبكر فلابد أن يسمعه الآخرون ويروونه هذا إذا كان صحيحاً كما يزعمون …
بعد هذه المقدمة السريعة تعلم أن تلك الروايات التي وضعها الأُمويون أو من بعدهم العباسيون ،والتي تسيئ إلى مكانة الإمام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام
.. تعلم كيف أثرت على الكثير من العقول القاصرة عن معرفة فضل ومكانة آل البيت – عليهم السلام – وما خصهم الله فراحت تارة تؤيد صلح الحسن مع معاوية وتمدح الطرفين وتنتقد ثورة الحسين وكذلك العكس، و تارة أخرى ترى التعارض والتناقض بين صلح الحسن وثورة الحسين ..
ولو عرف هؤلاء من هو الإمام الحسن بن علي ومن هو الإمام الحسين بن علي لما نسبوا إلى أحدهما أي نقص، ولعرفوا أنهما إمامان يعلمان مايفعلان في تأدية وظيفتهما سواء في عقد الصلح أو بالثورة شأنهما شأن جدهما رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – الذي قاتل في بدر وأحد والأحزاب وصالح في الحديبية..

https://t.me/Adnan_Algonied

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى