تحرك الإمام الحسين – عليه السلام – إلى أرض كربلاء
بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
بقلم _ السيد عدنان احمد الجنيد
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين
في البداية نعزيكم ونعزي الامة الاسلامية باستشهاد أبي الأحرار مولانا الحسين عليه السلام
وهاأنا أدلي بدلوي وأقول
إن تحرك الإمام الحسين – عليه السلام – إلى أرض كربلاء له دلالات عظيمة، وأبعاد فخيمة إذ أنه رسم- بتحركه ذلك – الطريق للأحرار والثوار الذين سيأتون بعده إلى قيام الساعة في كيفية الخروج على الظالمين والتحرر من المستبدين والوصول إلى الهدف الأسمى والذي من خلاله ستنعم الإنسانية بالعزة والكرامة بعد تحررها من الذلة والاستكانة.
إن الإمام الحسين بتحركه الشجاع يجسد الموقف الرسالي الرافض للظلم والفساد وذلك من أجل أن تتخذ الأمة الإسلامية والإنسانية الموقف ذاته تجاه الظلم والعدوان.
وبتحركه العظيم انكشفت أكذوبة الروايات التي تأمر بطاعة الظالمين وبحرمة الخروج عنهم . وهي مبثوثه في كتب الصحاح والسنن والأدهى من ذلك قول ابن حجر في الفتح عن ابن بطال أنه قال:(وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، فإن طاعته خير من الخروج عليه ….) قلت: وهذه مجازفة وتعصب مقيت ويكفي في ردهم على إجماعهم هذا هو خروج الإمام الحسين – عليه السلام – على الطاغية يزيد بن معاوية وقتاله لجيش بني أمية وشهادته هو وأهل بيته وأصحابه وانصاره – عليه وعليهم السلام – في واقعة كربلاء …. فخروج الإمام الحسين على الظالم يزيد حجة على المسلمين ويجعل تلك الأحاديث الآنفة بأنها مكذوبة، كيف لا والإمام الحسين من أهل البيت الذين قال الله فيهم (..إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) قد وردت احاديث كثيرة تدل على فضله وفضائله لايمكن حصرها… هذا إضافة إلى أن تلك الأحاديث تتعارض مع كتاب الله تعالى قال تعالى:( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) وإذا كان الركون إلى الظالم حراماً فكيف يكون للظالم ولاية وإمامة على المسلمين؟
وقال تعالى:(..أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ.. ) والاجتناب أن يعزل المسلم موقعه وحسابه عن موقع الطاغوت وصفّه ونظامه ونفوذه ويعلن انفصاله عن الطاغوت وبراءته عنه.
والآيات من هذا النوع كثيرة تأمرنا بالتصدي للظالمين وعدم طاعتهم والخضوع لهم.
بهذه الآيات الكريمات قام الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ بثورته المباركة وفضح بني أمية وكشف حقيقتهم حيث كانوا يتسترون وراء هذه الأحاديث المكذوبة ويحكمون تحت غطائها.
إن الإمام الحسين بثورته العظيمة أحيا الرسالة الإسلامية والمبادئ الإنسانية بعد أن كادت تضيع وسط أهواء ورغبات الحكام الفاسدين لكن العجيب أن بعض الروايات تجعل من تحركات الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ على أنها آنية وبعضها تجعله دون مقامه اللائق به فمثلاً: تقول الروايات بأن خروجه من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق إنما كان بسبب الكتب والرسائل التي وصلت إليه من الكوفة والتي تدعوه إلى المجيء لأحقيته بالأمر وبالبيعة وبأن الناس تبع له.. إلخ.
ثم نجد بعض الروايات تصرح بأنه لو لا هذه الرسائل التي وصلته لما خرج إلى العراق.
إن الإمام الحسين قد بين سبب خروجه منذ انطلاقته من المدينة.. اسمعه وهو يقول: ـ في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية ـ : ” إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ”
فلم يقل خرجت من أجل كتب ورسائل أهل الكوفة التي وصلتني، بل قال خرجت لطلب الإصلاح وهذا تصريح منه في وصيته بأن دافع ثورته عنوان (الإصلاح) وهذا يعني أن انحرافاً كبيراً حدث في المجتمع الإسلامي، أراد الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ إصلاحه وقال ـ أيضاً ـ مبيناً أسباب ثورته وخروجه على الظالم : ” ألا ترون أن الحق لا يُعمل به وأن الباطل لا يُتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله”
وقال ـ أيضاً ـ عبارته المشهورة: ” لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما”. بهذه العبارة الرائعة سن الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ سنة الإباء لكل من يدين بقيم السماء وينتمي إليها ويدافع عنها وانطلق من هذه القاعدة ليغير الواقع الفاسد.
إذاً فهذه العبارات الحسينية وغيرها تبين الهدف الأسمى والغاية العظمى من ثورته وخروجه على الظالمين والفاسدين
إن الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ أراد بخروجه ذلك أن يدعو الأمة بأفعاله وتحركاته الحقة وكأنه يقول للمسلمين ها أنا خرجت ومعي أسرتي وأصحابي .. خرجت بهؤلاء القلة كي أنهي فساد بني أُمية وظلمهم للعباد وأحيي رسالة الإسلام التي تتعرض للتشويش والتحريف والإزالة من قبل هذه الشرذمة الخبيثة.
إن دعوته الفعلية ـ هذه ـ حجة على المسلمين كافة فكان وجوباً عليهم ـ سيما الذين في عصره وكان لهم سبيل إلى نصره ـ أن يخرجوا معه ويثوروا ضد الفساد ويقوموا بنصرته على بني أمية الذين استعبدوا العباد..
لماذا؟ لأنه ـ عليه السلام ـ إمام حق مفترض الطاعة على من دونه سبيله سبيل أخيه الحسن وأبيه الإمام علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ في عدلهما وفضلهما.
فلم تكن نهضته ـ عليه السلام ـ وثورته حركة آنية أو ردة فعل مفاجئة بل كانت حركة إلهية وثورة عالمية وبهذا أصبحت نموذجاً يحتذى به لمقارعة ومقاومة كل نظام يستشري فيه الفساد…
هذا والسلام عليكم ورحمة الله