سلسلة مقالات غرب اسيا (اليمن) حلقة ٦٢
هل تمثل زيارة المبعوث الأممي إلى عدن بداية جديدة لمسار التسوية السياسية في اليمن؟
كنوز ميديا _ متابعة
❖ عودة دبلوماسية بعد غياب.. جروندبرج في عدن مجددًا
في أول زيارة له منذ قرابة عشرة أشهر، وصل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس جروندبرج، إلى مدينة عدن جنوبي البلاد، في خطوة تهدف إلى إحياء المسار السياسي المتعثر في اليمن.
وتأتي هذه الزيارة في وقت بالغ الحساسية، وسط تزايد الضغوط الإقليمية والدولية لإيجاد مخرج من حالة الجمود التي تخيم على المشهد اليمني.
وأكد جروندبرج في تصريحاته أن “الهدوء النسبي السائد يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو تسوية شاملة”، داعيًا إلى قرارات جريئة تضع حدًا لحالة الانسداد السياسي المتواصلة.
❖ مناشدة لإنقاذ المسار السياسي.. أم زيارة بروتوكولية؟
رغم الترحيب الرسمي بزيارة المبعوث الأممي، إلا أن أصواتًا في الداخل اليمني اعتبرت الزيارة تكرارًا لمواقف دبلوماسية مألوفة تفتقر إلى مضمون عملي واضح.
وفيما شدد جروندبرج على أهمية تكثيف الجهود لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، برزت تساؤلات حول جدية هذه الزيارة وقدرتها على إحداث أي اختراق فعلي.
فحتى اللحظة، لم يُعلن عن مبادرة محددة، ولا عن خطة عمل ملموسة قادرة على تحريك المياه الراكدة في مفاوضات السلام.
❖ تحديات الواقع أمام الوسيط الأممي
الزيارة جاءت في ظل بيئة سياسية وأمنية معقدة، إذ تتصاعد الانتقادات للمبعوث الأممي بسبب ما يعتبره البعض “مساواة غير منطقية” بين حكومة صنعاء والحكومة التابعة لمجلس القيادة الرئاسي.
وفي لقاءاته الرسمية، ناقش جروندبرج مصير موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لدى حكومة صنعاء، وهو ملف شائك يؤكد هشاشة الثقة بين الأطراف.
كما اتهمته ناشطات يمنيات بتهميش دور المرأة والمجتمع المدني، مما عمّق الشكوك حول حيادية الوساطة الأممية.
❖ بين المبادئ الأممية ومواقف الواقع.. اختبار النوايا
يثير الموقف الأممي جدلًا مستمرًا بشأن مرجعية التسوية، فبينما تقول الحكومة التابعة لمجلس القيادة الرئاسي أنها تتمسك بالقرار الدولي 2216 كأساس للحل،تشير بعض القراءات إلى أن الأمم المتحدة، في ظل قيادة المبعوث الخاص هانس جروندبرج، تميل إلى مقاربة أكثر مرونة لا ترتكز بشكل حصري على هذا القرار.
وبين من يرى في ذلك براغماتية دبلوماسية، ومن يعدّه غيابًا للحزم، تبقى فرص التقدم مرتبطة بمدى قدرة الوساطة الأممية على التحول من إدارة الأزمة إلى بلورة حلول قابلة للتنفيذ، تأخذ في الاعتبار توازنات الواقع وتعقيداته.
❖ الشارع اليمني.. ترقب ممزوج بالريبة
تفاوتت ردود فعل الشارع اليمني إزاء الزيارة، بين من يراها مؤشرًا على اهتمام دولي متجدد، وبين من يعتقد أنها زيارة شكلية لا تحمل جديدًا.
الانتقادات الشعبية ركّزت على ما وُصف بعجز المبعوث الأممي عن جمع الأطراف اليمنية حول طاولة واحدة، فضلًا عن فشله في تقديم أي مبادرة جوهرية حتى الآن.
ومع اتساع الهوة بين المواقف السياسية، يخشى كثيرون أن تتحول الزيارة إلى مجرد محطة إضافية في مسلسل الوساطات الفاشلة.
➢ ختامًا، هل تحمل زيارة المبعوث الأممي بذور اختراق سياسي حقيقي، أم أنها فصل جديد من الجمود الدبلوماسي؟
رغم أن زيارة جروندبرج لعدن تعكس اهتمامًا دوليًا بالحالة اليمنية، إلا أن غياب خطة واضحة، واستمرار التجاذبات الداخلية والإقليمية، يفرضان واقعًا معقدًا. يبقى النجاح مرهونًا بمدى قدرة المبعوث على التحرك خارج الخطابات البروتوكولية، ومواجهة التحديات بحلول شجاعة. وبينما يستمر الجمود، يظل الأمل معلقًا على تحوّل حقيقي يعيد الثقة بالعملية السياسية، ويمنح اليمنيين أفقًا واقعيًا نحو السلام والاستقرار.
مركز بدر للدراسات الاستراتيجية
٢٠٢٥/٧/٢