حِينْما غَضِبَ الخامِنَئْي

بِقَلَم: عَلِيّ السَّراي

في تِلْكَ اللَّيْلَةِ اللَّيْلاءِ،
غَدَرَ الأَعْدَاءُ،
فَاستَشاطَ عَلِيٌّ غَضَبًا،
قَطَّبَ حَاجِبَيْهِ،
وَفَارَتِ الدِّمَاءُ،
تَحَرَّكَتْ عُرُوقُ هَاشِمٍ،
فَتَلَبَّدَتِ الغُيُومُ غَيْظًا،
وَرَعَدَتِ السَّمَاءُ،
لِتَتَسَاقَطَ نُجُومُهَا حمَمًا،
أَقَضَّتْهُم، أَذْهَلَتْهُم، أَرْعَبَتْهُم،
وَهُمْ يَرَوْنَ شَاهِدًا فِي السَّمَاءِ
كَأَنَّهُ العَنْقَاءُ.

وَصَوَارِيخُ حَقٍّ دقيقةٌ بالستيةٌ، تَخَالُهَا شُهُبًا،
أَعَادَتْ لَهُمْ رُشْدَهُمْ،
وَأَطَارَتْ مِنْ رُؤُوسِهِمْ
نَشْوَةَ خَمْرِ الاِنْتِصَارِ بِقَتْلِ قَادَةٍ نُجَبَاء.

“الغَضَبُ العَلَوِيُّ تَفَجَّرَ، اللهُ أَكْبَر
خَيْبَرْ خَيْبَرْ خَيْبَرْ، اللهُ أَكْبَرْ”

لَعَمْرُكَ، كَأَنِّي بِالهَرِيرِ هزَبْرًا
شَامِخًا، مُزَمْجِرًا،
عَاصِفًا يَمْلَأُ الأَرْجَاءَ.
وَالقُبَّةُ الحَدِيدِيَّةُ تَأْخُذُ بِيَدِ مِقْلاَعِ دَاوُد،
تَرْتَجِفُ،
تَرْتَعِبُ،
تَجْرِي هُنَا،
وَتَخْتَبِئُ هُنَاكَ،
لِتَهْرُبَ مِنْ جَحِيمِ
صَوَارِيخِ الوَلَاءِ.

عَلِيٌّ هُنَا
خَامِنَئِيٌّ هُنَا
يَدُكُّ الحُصُونَ،
يُحَطِّمُ القِلَاعَ،
فَأَكْثِرِ النّوَاحَ،
وَالعَوِيلَ، وَالبُكَاءَ،
فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ
أَنَاخَتْ بِكَلْكَلِهَا
عَلَى كِيَانِ الأَعْدَاءِ.

وَصَوْتٌ قَادِمٌ
مِنْ بطْنَانِ كَرْبَلَاءَ
لِتُرْعِفَ الدِّمَاءُ،
وَتُحْرَقَ الأَجْوَاءَ.

نِدَاءٌ، نِدَاءٌ، نِدَاءْ
وَالمَوْعِدُ: المَسَاءْ.
غَضِبَ الجَدُّ
فَخَلَعَ خَيْبَرَ،
وَغَضِبَ الحَفِيدُ
فَأَعَادَ خَيْبَرَ،
وَدَكْدَكَ الكِيَانَ،
وَبَيْنَ الخَيْبَرَيْنِ
دِمَارٌ، دِمَاءٌ، بَلاءْ.

فَحَرْبُنَا سِجَالٌ،
كِيَانُهُمْ زَوَالٌ،
وُجُودُهُمْ مُحَالٌ،
وَلْتَشْهَدِ الأَجْيَالُ.

هِـيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ لَيْلَةً،
تُعَادِلُ الأَجْيَالَ
سِحْرًا، وَأَلَقًا، وَجَمَالًا،
بَالِسْتِيٌّ أَلْف لَيْلَةٍ وَلَيْلَة!

فَحِينَ غَضِبَ عَلِيٌّ،
عَلَا النِّدَاءُ، فَكَبَّرَتِ الأَرْجَاءُ
كُلُّ الأَرْجَاءِ!
لَبَّيْكَ خَامِنَئِي لَبَّيْكَ
لَبَّيْكَ جَاهِزُونَ يَوْمَ التَّنَادِي،
وَعِنْدَ اللِّقَاءِ.

مَهْلًا، مَهْلًا
هُنَالِكَ قَادِمٌ فِي الطَّرِيقِ،
يَحُثُّ الخُطَى قُدُمًا،
وَجَيْشٌ مِنَ الآلَامِ وَالآمَالِ،
وَعْدٌ قَدِيمٌ مُتَجَدِّدٌ،
كَفَرَحِ طِفْلٍ صَبَاحَ العِيدِ،
وَتَجَاعِيدِ شَيْخٍ قَارَبَ التِّسْعِينَ،
وَحِمْلٍ أَنَاءَ بِثِقْلِهِ ظُهُورَ الأُمْنِيّاتِ وَالأَمَلِ.

قَادِمٌ سَيُطَبِّبُ الجِرَاحَ،
وَيَمْسَحُ الدِّمَاءَ،
وَيَقْصِمُ الأَعْدَاءَ،
وسَيَمْلَأُ الأَرْجَاءَ
حُبًّا، وَقِسْطًا، وَعَدْلًا
إنَهُ المَهدِيّ،
ذلك وعدُ السّماءْ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى