“نحن أنصار الحسين.. من كربلاء إلى آخر الزمان”
بقلم _ الأستاذ مضر الغالبي
“ألا من ناصرٍ ينصرنا؟”.. لم تكن هذه الصرخة نداء عجزٍ أو يأس، بل كانت وثيقةً إلهيةً مفتوحة الزمان والمكان، تختبر ضمير الأمة حتى قيام الساعة. لم يكن الحسين عليه السلام يطلب عددًا، بل كان يستنهض الوعي، يشعل الثورة في الأرواح، ويفتح بوابة الخلود أمام كل من أراد أن يُكتب مع أنصار الحقّ.
واليوم، وبعد أكثر من ألف عام، لا تزال هذه الكلمة توقظ الأحرار في كل عصر. فالجموع التي تهتف في الشوارع، وتلطم في المسيرات، وتُحيي المجالس والرايات، لا تفعل ذلك طقوسًا فحسب، بل استجابة حقيقية لذلك النداء الخالد.
في كل قلب شيعي نابض بالحسين، وفي كل موكبٍ ينطلق في طرقات المدن، وفي كل دمعة تسكب في العزاء، هناك موقف، وهناك بيعة، تقول للعالم: “نحن أنصارك يا حسين، ولو تأخرت القرون”.
وما كانت عاشوراء محطةً من التاريخ، بل هي مشروع تعبئةٍ مستمر، تصوغ وجدان الأمة، وتعبّئ الجماهير لا للبكاء وحده، بل للفهم، والتحرك، والاستعداد لنصرة الحق في كل ميدان. لقد صاغت الثورة الحسينية وعينا جمعيًا، جعلت كل مجلس عزاء خندقًا، وكل شعيرة معسكرًا، وكل دمعة وقودًا لفجر العدل القادم.
إن الذين يخرجون اليوم إلى الشوارع في عاشوراء، لا يخرجون مجرّد معزّين، بل هم حملة راية، وجنود نداء. يلبّون: “لبيك يا حسين”، لا بالهتاف وحده، بل بالاستعداد الدائم للموقف، للتضحية، ولأن يكونوا “أنصار الحسين” لا بالكلمات، بل بالفعل.
فيا أبناء الحسين، يا أحرار هذا الزمان، أنتم امتداد عاشوراء، وأنتم جواب “ألا من ناصرٍ ينصرنا”. وإن الحسين ما زال ينادي.. فهلّا لبّيتم من جديد؟