كربلاء الحسين تتجسد بكربلاء غزة

بقلم _ البتول المحطوري

في كل زمان تولد مأساة جديدة من رحم المعاناة والخذلان، لا زمن محدد لها، ولا مكان يحتويها لتنغلق في زاوية وتنتهي. بل هي مأساة مستمرة على مرّ العصور، نتيجة متوقعة لانحرافٍ جرّ الأمة إلى الفتن والدمار إلى قيام الساعة. فالأحداث التي وقعت قبل ألف عام تعود اليوم، ولكن بصورة أشد وحشية مما سبق؛ فكربلاء الحسين تتجسد في كربلاء غزّة: قتل، حصار، تجويع، حرمان، وأسر.

في كربلاء، وقف الحسين وأهل بيته في وجه أعتى طاغية، ورفضوا أن يمدّوا أيديهم لبيعته، فكانت النتيجة أن ذُبحوا عطاشى، ورفعت رؤوسهم على الرماح، أمام أمة تدّعي الإسلام. واليوم، غزّة تُحاصر، تُقصف، تُجَوّع، ويُقتل أهلها، وتُحرق مستشفياتها وبيوتها ومدارسها، والعالم كل ما يفعله هو أن يتفرج بصمت.

في زمن الحسين حُرم الأطفال من شرب الماء والغذاء، واليوم أطفال غزّة يذوقون المرارة ذاتها بل أشد؛ فلا ماء يشربونه، ولا طعام يأكلونه، ولا دواء يضمدون به جراحهم، ولا كهرباء تنعش أرضهم. وما أشبه الطفولة في خيام الطف بوجوه أطفال غزّة، وما أشبه الصراخ الذي قال: “يا عمّاه، هل من ماء؟” بنداء اليوم.

حينما أرادوا للحسين أن يُقتل، وأن تنطفئ ثورته في الصحراءٍ القاحلة خيل لهم أن الحكاية قد ماتت ،لنراه نبراسًا في كل مقاوم على مرّ العصور. وكأن رمال الصحراء قد تكفّلت بنشر الأحداث، لنشاهد الملايين من الشعوب الحرة تقف في وجه زعمائها الظالمين، تصرخ: “لا”، ونرى نساء كزينب يصبرن ويقاومن، ورجالاً كالحسين يثبتون حتى آخر لحظة، وأطفالاً لا يخافون الرصاص لأنهم وُلدوا من رحم البارود.

في كربلاء خذلت الأمة سبط نبيّها، وفي غزّة يخذل العالم شعبها. لكن النصر لايولد من كثرة الأنصار؛بل من صدق الموقف ، ليبقى مشروع الحسين نقيًا من شوائب المذلة والهوان . وغزّة، مهما جارت عليها الأهوال، ستظل منارة للصمود والانتصار، ولن تنطفئ، حتى لو هُدم كل بيت أو مخيم، لأنها باختصار ليست خبراً عاجلاً أو تقريراً أممياً يُمرر من طاولة لأخرى، بل قضية إنسانية وأخلاقية، واختبار لضمير الأمة:
هل ستكون ممن خذل الحسين في كربلاء؟
أم من الذين سيسيرون في دربه؟
لأن غزّة اليوم… هي كربلاء العصر

#الحملة_الدولية_لفك_حصار _مطار _صنعاء
#اتحاد_كاتبات_اليمن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى