“ذكرى الحسين.. رمز القوة والصمود في وجه الظلم”

بقلم _ عفاف فيصل صالح

وفي عمق الظلام، تتجسد مأساة الإمام الحُسين كجرحٍ لا يندمل، يُنادي عبر السنين بأعلى صوتٍ من قلب المعاناة، لكنه يحمل في طياته روح العزيمة والانتصار الذي ليس بعده انتصار. فقد علمتنا معاني القوة في وَجهِ الظلم، وأنّ الحق لا يُضيع برصاص الطغاة، بل يظل يسطعُ بريقُه من خلال صمود الأحرار في وجه الغدر، ويظلّ نداء الحق يتردد مع كل نفسٍ حر، يكبر حتى يُذهل كل معتدٍ وجبار.

تلك المأساة التي تُوجت بدماء الشهداء، لم تكن إلا بدايةً لانتفاضةٍ عظيمة، فكل قطرة دم نُزفت كانت بذرةً لنصرٍ قادم، وعبراً يُستنارُ من خلالها درب الأحرار، الذين اختاروا أن يحيوا بكلمة الحق، رغم أنفِ الطغيان والجور. فالحسين، ليس فقط شهيداً، بل هو رمزُ القوة التي لا تعرف الاستسلام، ونبضُ النصر الذي ينمو في قلب الأحرار، يهدد عرش الظالمين ويزرع بذور المقاومة.

وبينما تذرف العيون الدامية على مآسي الشهداء، تتعالى أصواتُ الحق، وتتلألأُ راياتُ الكرامة، فكلّ دمعةٍ كانت تنهمرُ على تلك المجزرة، تُمثّل قوةً لا تقهر في إرادة الشعوب، ورمياً لأسلحة الموت، التي تتوارد بالنصر للإنسانية، وتأكيداً أن الحق، رغم القتلى، لا يُمَحَّيه الزمن، بل يزيدُ إشراقاً ويمتدّ صداه في أجيالٍ تناضلُ من أجل العدالة.

وفي كل عامٍ، ونحن نستذكر مظلومية الحسين، نكبرُ معه، ونتعهدُ أن نكون جنوداً للحق، وأن نُعلي راية الحرية، التي رفعها، رغم كلّ التحديات، ليبقى قنديل نور يُهدينا دروب العدل والكرامة، كما كانت على يديه.

فالحُسين، في موته، لم يُفاقم مأساتنا فقط، بل أرسلَ رسالةً، أن القوة التي لا تُقهر، تُبنى على الإيمان، وأن النصر الحقيقي، هو انتصارُ الحق على الباطل، وأن المظلومينَ سينتصرون، طال الزمن أو قصر.

وفي النهاية، تبقى مأساة الإمام الحُسين، شاهدةً على عظمة الصمود، رمزُ النصر المستتر الذي يُدخِلُ على الطغاة رعباً دائمًا، ويُشعل نارَ الثأر في قلوب أنصاره، ليُعلِن أن الرفعة، لا تأتي إلا بسيف الحق، وأننا بقوة إيماننا، سنظل ننتصر على كل ظلم، ونكتب مجدنا في سجلِ التاريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى