كربلاء دم مُسال ومنهجية حية
بقلم _ دينا الرميمة
تمر علينا هذا العام ذكرى عاشوراء ذكرى الثورة الحسينية وأمتنا الإسلامية تعيش واقعا مريرا وتتوالى عليها الكربلائيات وحدة تلو الأخرى من اليمن إلى غزة وفلسطين وايران ولبنان رأيناها تواجه حروب ومذابح قل فيها الناصر وتكاثر فيها الصامتون والمتشفون وخذلان للإسلام لايشبهه إلا خذلان أمة رسول الله للحسين في الطف،،
لذلك فمن الاحرى علينا جميعا ان نبحث عن السبب الذي جعل كربلاء الطف تتكرر في كل زمان ومكان ولنفهم ذلك علينا العودة إلى الطف وماقبل الطف لنقرأ الأسباب التي انطلقت لأجلها تلك الثورة التي أشعلها الإمام الحسين والتي بلاشك لم تكن بحثا منه عن جاه أو منصب وهو حينئذ أكثر الناس جاها ووجاهة،ليس فقط لإنه حفيد النبي الكريم الذي وصفه هو واخوه الحسن «بسيدا شباب أهل الجنة» و خصه لوحده بقوله« حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا» في إشارة منه لدور منوط به ولما سيحدث معه في الطف وفيها دعوة لإن تكون الأمة في صفه..
لكن ماحدث للحسين في كربلاء من خذلان هو عكس مااشار اليه النبي الكريم في دلالة على مدى الانحراف الذي وصلت إليه الأمة في منهجيتها ودينها كان بدايته من السقيفة ومبدأ الشورى الذي سار عليه صحابة النبي وازاحة الامام علي عليه السلام ، مخالفين ماحدث بالغدير من امر الولاية التي شهدوها بأنفسهم وأشهدوا الله عليها و هنا بدأت الأمة تسير في طريق غير الذي اختاره الله ورسوله لها إلى أن وصل أمرها إلى طلقاء بني أمية الذين دخلوا الأسلام رهبة من مصير ينتظرهم حال البقاء على في حالة الكفر ورغبة في أن ينالوا شرف الإنتماء لهذا الدين الذي بات العالم كله تحت لوائه ولم تسلم قلوبهم التي لاتزال تمتلأ حقدا على الإسلام والنبي وآل بيته ولذلك مع وصولهم إلى سدة الحكم اسسوا الامبراطورية الأموية في محاولة لإعادة مجدهم المندثر تحت ظلال سيوف الدولة الإسلامية،فمارسوا ظلمهم على الأمة وحرفوا معالم دينها،،
امرا حذر منه النبي الكريم بأنهم اذا حكموا:«فسيتخذون من دين الله دغلا ومن عباده خولا ومن ماله دولا»
و توارث امرائها الحقد على الإسلام وأهله مع توراثهم سدة الحكم ورسخوا في عقول الأمة حرمة الخروج على الحاكم وان كان ظالما وقصم ظهورهم،،
واصبح هذا الأمر لايتجاوزه إلا من يمتلك شجاعة تمكنه من الوقوف بوجه هؤلاء المردة على الدين، شخص يعي ويعلم المبادئ والقيم المحمدية أنها ماجاءت الا لإنتشال الناس من تحت سطوة الظالمين،،
ومن الطبيعي إن شخص كالإمام الحسين لم يكن ليسكت وهو يرى مثل هذا الانحراف والظلم الواقع على أمة جده ودينها سيما وقد وصل الأمر ليزيد بن معاوية المعروف بقسوقه وفجوره
فرفض الإمام مبايعته مفندا بذلك اكذوبة حرمة الخروج على الحاكم الظالم فاضحا أنها ليست إلا سلما يحاول بنو أمية من خلالها الاستئثار بالحكم وحرف الناس عن منهجية الإسلام الصحيحة التي أصبحت مجرد أحاديث جوفاء تتماشى فقط مع نزعاتهم الإنتقامية من هذا الدين الذي قضى على أشياخهم من كفار قريش وسواهم بالعامة من الناس.
وخرج إلى الطف بعد ان استنجدته الأمة لتخليصها من ظلم بني أميه،، بمعنى أن خروجه لم يكن خروج الأشر البطر او المفسد أو المظل إنما خرج للإصلاح بأمر أمة جده المصطفى في وقت رأى المعروف لايعمل به والمنكر لايتناهى عنه،،
وهو بذلك رسم للناس طريق للثورة على الظالمين،،
فكانت ثورة مبادئها الأساسية القضاء على الظلم وإرساء معالم العدالة والحرية،
هي ثورة المظلوم على الظالم وتقويم المارقين عن نهج الرسالة المحمدية، ثورة تحمل كل القيم الإنسانية السامية لم يخش فيها قلة تابعيه، ففيها جابه الظالمين مع القلة القليلة من المؤمنين الصادقين في وقت جبن الكثير من ابناء الامة الذين خشوا عقاب السلطان ونسوا عقاب الرحمن وصموا أذانهم عن ندائه في كربلاء وهو ينادي “ألا من ناصر ينصرني” فخذولوه مع ان قلوبهم كانت معه ويعلمون انه على الحق إلا ان سيوفهم انهالت عليه تقطع رأسه ورؤوس اصحابه وتحملها كقرابين ليزيد ليتشفى بها أمام نكأة بدر التي أطاحت بأجداده ومشايخه من كفار قريش طامعين في وزنها ذهبا ، وهم بذلك انما جعلوا رقابهم تحت سطوته وسطوة الظالمين من بعده حتى يومنا هذا وأسسوا بذلك دولة يزيدية داعشية شعارها الظلم والفسق والفجور وذبح الرقاب لكل من يخالف أو يعترض افعالهم هي دولة داعش الحالية التي تحت عنوانين دينية تشوه معالم الإسلام بذبح الجثث والتمثيل بها وحرقها ومعها تحرق القيم الدينية الأصيلة وتنسف كل ماله علاقة بالإنسانية،، وهي القاعدة التي يسير عليها اليوم اغلب أبناء الأمة ممن صمتوا وخذلوا اخوة لهم في الإسلام يجابهون ظلم أعداء الله ويزيديو العصر «امريكا والغرب والكيان الصهيوني وادواتهم العربية والمسلمة زورا وبهاتنا » واحنوا رقابهم للإعداء بايعين دينهم بدنياهم،،
بينما الإمام الحسين سطر بدمه الطاهر منهجا قويما يستلهمه كل الأحرار في كل الكربلائيات التي حدثت بعد الطف فيها دائما ينتصر الدم على السيف ويدحض الظلم وتنتصر الإنسانية مع كل تضحية ودم مسال.
هي المنهجية التي سار عليها أحرار اليمن وغزة ولبنان وايران مسطرين كربلائيات عصر حاملين في قلوبهم قوله تعالى (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) وشعار ثائرهم الأول الحسين السبط (لا والله لانعطي بأيدينا اعطاء الذليل ولا نقر اقرار العبيد)
كربلاء هنا وهناك لشعوب تخلوا عن دنيا ارتأوا فيها الحياة مع الظالمين برما والموت في سبيل دينهم سعادة وقربى لربهم،
كربلائيات فيها قتلت المرأة واخرى أسرت وهن يجابهن الظالمين وفيها سُطرت مواقف زينبية تضاهي موقف زينب الحوراء في الطف فيها قدمت ابنائها وابيها وزوجها في سبيل الله وفي مسلك مصابيح الدجى من آل البيت عليهم السلام،