المخطط الإقليمي لتحييد المقاومة…. الوقائع والسيناريوهات

كنوز ميديا – تقرير استراتيجي

اعداد – عُلا فارس

تشهد المنطقة تصعيداً غير مسبوق يشير إلى خطة إقليمية ممنهجة بقيادة أمريكية-إسرائيلية، تهدف إلى تفكيك جبهات المقاومة بالتتابع: غزة، فاليمن، فلبنان، فالعراق. تعتمد هذه الخطة على حروب مركبة تجمع بين الضربات العسكرية، والحصار الاقتصادي، والضغوط السياسية، والاختراقات الداخلية، وفق تحليلات خبراء وتقارير ميدانية.

أولاً: مؤشرات تنفيذ المخطط في الجبهات

غزة: الإبادة المنظمة والتهجير القسري

تدمير 92% من منازل القطاع، و87% من مدارسه، و84% من مرافقه الصحية، ما حول أجزاء واسعة إلى مناطق غير قابلة للسكن.

تكثيف الحصار بقطع الغذاء والماء والكهرباء منذ مارس 2025، ما تسبب بمجاعة وصعّد معدلات الوفيات إلى 44 ألف قتيل، 70% منهم من النساء والأطفال.

حشر 2.3 مليون فلسطيني في 15% من مساحة غزة، بكثافة سكانية تصل إلى 47 ألف فرد لكل كيلومتر مربع في منطقة المواصي، ضمن خطة “محو شاملة” بحسب المرصد الأورومتوسطي.

الضفة الغربية: الضم الزاحف عبر مليشيات المستوطنين

السيطرة على 14% من أراضي الضفة (786 ألف دونم) عبر إنشاء 70 بؤرة استيطانية رعوية جديدة منذ 2022، بدعم حكومي مباشر.

تدمير 60 تجمعاً فلسطينياً، وتهجير سكانها عبر اعتداءات مسلحة منظمة من مليشيات مدعومة بالجيش الإسرائيلي.

تصاعد اقتحامات الأقصى (6728 مستوطناً في أيار)، وإدخال قرابين حيوانية وطقوس دينية يهودية، واعتداءات على المصلين.

لبنان واليمن: فتح جبهات موازية

ضربات إسرائيلية على اليمن استهدفت منصات إطلاق صواريخ الحوثيين بذريعة “حماية الملاحة”، لكنها تهدف لتحييد الجبهة اليمنية تمهيداً لتصعيد شمالي.

تصعيد التهديدات الإسرائيلية بشن حرب شاملة على الجنوب اللبناني، مع أنباء عن تحريك عناصر سلفية مرتبطة بـ “الجولاني” لخلق فوضى حدودية.


ثانياً: الجهات الفاعلة في الخطة

الجهة الدور الأهداف

الولايات المتحدة التمويل والتنسيق إعادة ترتيب المنطقة لضمان أمن إسرائيل، ومصالحها الاقتصادية عبر صفقات سلاح قياسية (17.9 مليار دولار في 2024)
الكيان الصهيوني التنفيذ الميداني تصفية التهديدات عبر جبهات متعددة، وضم الضفة الغربية، وتهويد القدس
أنظمة عربية الدعم السياسي واللوجستي تطبيع صامت مع إسرائيل، والضغط على حماس لقبول هدنات مقابل نزع السلاح (مصر، قطر، بعض دول الخليج)مليشيات محلية تفكيك الداخل تحريك فصائل عميلة مثل “مجموعة ياسر أبو شباب” في غزة للتعاون مع الجيش الإسرائيلي ضد حماس

ثالثاً: السيناريوهات المحتملة: خطة التفكيك مقابل عوامل الصمود

سيناريوهات الخطة الإسرائيلية – الأمريكية

1. تسويات سياسية مغلفة

الضغط على حماس لقبول هدنة مؤقتة مقابل إطلاق سراح رهائن، دون ضمانات بوقف الحرب.

مبادرات إعادة إعمار مشروطة بنزع سلاح المقاومة وتفريغ القضية من مضمونها النضالي.

2. تصعيد عسكري متتالٍ

تركيز الضربات على غزة، ثم اليمن، فجنوب لبنان، وأخيراً العراق عبر إشعال حدوده مع سوريا.

استخدام أوراق داخلية مثل تحريك خلايا داعش في العراق، وتغذية احتجاجات اقتصادية وطائفية.

3. حرب قانونية ودولية

عزل إسرائيل دولياً عبر عقوبات تستهدف وزيريها بن غفير وسموتريتش وتجميد أصولهما.

محاولة تجفيف الدعم الشعبي للمقاومة عبر تشويه صورتها إعلامياً.

أوراق قوة المقاومة

1. تعدد الساحات

قدرة فصائل المقاومة على تشتيت الجهد الإسرائيلي بين غزة ولبنان واليمن، وتحويل الحرب إلى استنزاف طويل.

تنفيذ 28 ألف هجوم صاروخي من محور المقاومة منذ أكتوبر 2023.

2. الدعم الشعبي والتحالفات

تجذر المقاومة في الوعي الشعبي في غزة ولبنان والعراق، ودعم إيران العسكري، وتحالفات دولية مع روسيا والصين تعقّد أي مواجهة شاملة.

 

3. انقسام الداخل الإسرائيلي

تحذير رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير من أن استمرار العمليات في غزة “يهدد حياة الرهائن والجنود”.

احتجاجات شعبية ضد نتنياهو للمطالبة بوقف الحرب وإعادة الأسرى.

رابعاً: آراء المحللين: قراءة في العمق…. تصريحات ومواقف

– تصريح الحاج عدي الخدران المهتم بالشؤون السياسية – لـ “كنوز ميديا”:

قال الحاج عدي الخدران في تصريح خاص لـ”كنوز ميديا”، معلقًا على المشهد الإقليمي وتطوراته الأخيرة:

“ما نشهده اليوم ليس مجرد سلسلة من الأحداث المتفرقة، بل هو جزء من خطة مدروسة يجري تنفيذها بشكل متسلسل يهدف إلى تحييد جبهات المقاومة واحدة تلو الأخرى، تمهيدًا لإضعاف قدرتها على الردع والتأثير.”

وأضاف الخدران :لقد فشلت الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي في تحقيق أهدافهما تجاه إيران سواء عبر العمل العسكري أو الحرب النفسية أو من خلال محاولة زعزعة الداخل الإيراني. الرد الإيراني الأخير جاء ميدانيًا وحاسمًا، وأكد فشل كل تلك المسارات، ما وضع محور واشنطن – تل أبيب – وبعض الأنظمة الخليجية في موقف مرتبك.”وأشار إلى أن المرحلة الراهنة تتسم بتغيير واضح في قواعد الاشتباك، موضحًا:

“هناك محاولات لجرّ التحالف الدولي نحو مواجهة شاملة، لكن ذلك لا يجري بشكل مباشر، بل يتم التركيز على تفكيك البيئة الحاضنة للمقاومة، بدءًا من اليمن، ثم لبنان، فغزة، وربما يشمل العراق لاحقًا، من خلال تحريك جبهات حدودية أو إثارة فوضى داخلية.”

واختتم تصريحه بالقول:من يراهن على انكسار المقاومة، أو يعتقد أن الظروف الحالية قد تضعف عزيمتنا، فهو واهم. نحن ثابتون في مواقعنا، وملتزمون بقضايانا، وسنواصل الدفاع عن الحق المشروع للشعوب في السيادة والحرية، ولن يكون المستقبل إلا لأصحاب الأرض والإرادة.”

– تصريح الباحث السياسي (عضو مركز دراسات العراق) ضياء الدين الهاشمي – لـ “كنوز ميديا”:

من جهته، رأى الباحث السياسي ضياء الدين الهاشمي في حديثه لـ”كنوز ميديا” أن ما يجري في المنطقة لا يمكن قراءته بمعزل عن التحركات السياسية والعسكرية الممنهجة التي تقودها قوى دولية وإقليمية، موضحًا:

“نحن أمام مؤشرات واضحة لخطة إقليمية متكاملة تستهدف محور المقاومة بشكل تدريجي، بدءًا من غزة ثم لبنان واليمن والعراق. هذه الخطة تُدار بدعم أميركي، وبتنفيذ مباشر أو غير مباشر من الكيان الإسرائيلي، وتشارك فيها بعض العواصم الإقليمية التي ترى في تحجيم المقاومة فرصة لتثبيت استقرارها السياسي والاقتصادي.”

وأضاف: الهاشمي هناك عدة أطراف يُرجّح وقوفها خلف هذه الخطة، في مقدمتها الولايات المتحدة، التي تسعى لإعادة ترتيب أولويات المنطقة بما يضمن أمن الكيان ومصالحها الاستراتيجية، ثم الكيان الإسرائيلي الذي يريد تصفية التهديدات المحيطة به، وبعض الأنظمة العربية التي تتعامل مع المقاومة كعبء سياسي وتخشى تأثيراتها على الداخل.”

واستعرض الهاشمي أبرز السيناريوهات المحتملة لهذه الخطة:

1. الحرب المركّبة على غزة: مزيج من التصعيد العسكري والمبادرات السياسية والدولية لنزع الشرعية عن المقاومة وتحميلها تبعات الحرب.

2. تصعيد في لبنان: يترافق مع ضغوط على الحكومة اللبنانية، ومحاولات لاستدراج حزب الله إلى مواجهة غير محسوبة.

3. تحريك الفوضى في العراق: عبر استهداف شخصيات ومقرات تابعة للمقاومة والحشد الشعبي، وربما إعادة تفعيل الخلايا النائمة.

4. ضغوط اقتصادية وإعلامية: لزعزعة الحاضنة الشعبية للمقاومة وتشويه صورتها محليًا ودوليًا.

5. التطبيع العلني والصامت: لفرض واقع إقليمي يُقصي خيار المقاومة ويعزل حلفائها.

وفي المقابل، أشار الهاشمي إلى عوامل مقاومة لهذه الخطة، وقال:

 “رغم شراسة هذا المشروع، إلا أن محور المقاومة يمتلك عدة أوراق قوة. أبرزها تعدد الساحات وتكاملها، والدعم الشعبي المستمر، والخبرة القتالية المتراكمة، بالإضافة إلى التحالفات الدولية مع قوى كبرى كروسيا والصين، والتي تُعقّد أي مغامرة عسكرية أو سياسية ضد هذا المحور.”

وختم حديثه بالقول:الخطة التي تُطبخ حاليًا لن تكون سهلة التنفيذ، لأنها تصطدم بواقع شعبي وسياسي وعقائدي رافض للهيمنة، وما لم تُقرن بأي تسوية عادلة وشاملة تُحمّل الكيان مسؤولية خروقاته، فإن مصيرها سيكون كغيرها من المشاريع السابقة: الفشل والمزيد من التأزيم.”

السيناريوهات المضادة – عناصر الصمود:

1. وحدة الساحات: من فلسطين إلى لبنان فالعراق واليمن.

2. الدعم الشعبي: رغم الحرب النفسية والإعلامية.

3. تحالفات استراتيجية: مع قوى كبرى كإيران وروسيا والصين.

4. الخبرة الميدانية: لحزب الله والحوثيين والحشد.

5. فشل التطبيع في خلق أمن دائم: بل زاد التوتر والانعزال.

في ضوء هذه المؤشرات والتحركات، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة حساسة من المواجهة بين مشروعين:

مشروع الهيمنة والتطبيع والتفكيك الذي تقوده واشنطن وتل أبيب.

ومشروع المقاومة والصمود والتحرر الذي تمثّله الشعوب وقواها الحية في العراق ولبنان وفلسطين واليمن.

وبين هذا وذاك، يبقى على العراق الرسمي والشعبي أن يكون يقظًا لما يُخطط للمنطقة، فالعراق لم يكن يومًا على هامش المعادلة، بل كان ولا يزال صمام الأمان لجبهة المقاومة، وامتدادها التاريخي والجغرافي والسياسي.

ولأن سياسة الحياد في هكذا صراع وجودي ليست خيارًا، فإن التموقع في صف الحق والمظلومية، والانتصار لمحور الاستقلال والسيادة، هو ما يليق بتاريخ العراق ومقاوميه وشهدائه، ويضمن بقاءه خارج دوائر الابتزاز والمساومات.

– اما الخبير مهند مصطفى (في الشؤون الإسرائيلية):
“تصريحات زامير اعتراف غير مباشر بفشل الآلة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق أهدافها. الجيش يرفض تحمّل تبعات حكم عسكري في غزة، ويدرك أن الاستمرار في الحرب يعني غرقاً في مستنقع استنزاف لا نهاية له.”

✅نستخلص مما سبق ان العراق والمقاومة.. خط الدفاع الأخير

العراق، بموقعه الجيوسياسي وتجربته في محاربة الإرهاب، يدرك أن أمنه الوطني مرتبط بتماسك محور المقاومة. ما يواجهه اليوم من محاولات لتفجير جبهته الداخلية عبر خلايا داعش أو الضغوط الاقتصادية، هو استمرار لمشروع تفكيك الإرادة العربية. لكن دروس السنوات العشرين أثبتت أن الشعوب حين تتسلح بالوعي والوحدة، تصبح المخططات الخارجية كالرمال تحت أمواج البحر.

ان مصير المخطط الإسرائيلي-الأمريكي مرهون بقدرة المقاومة على توحيد ساحاتها، وتحويل المعركة إلى استنزاف أخلاقي وعسكري يفضح جرائم الاحتلال أمام العالم. العراق، كقلب لهذه المعادلة، مطالب اليوم بتعزيز وحدته الداخلية وصد محاولات الاختراق، لأن انتصار المقاومة هو الضمان الوحيد لاستقرار المنطقة.

كنوز ميديا – 8 تموز 2025

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى