كنوز ميديا – تقارير
تتهم أمريكا بالازدواجية في تعاملها مع مفهوم الإرهاب، فهي تضع البلدان والمنظمات والأحزاب وفقاً لمصالحها السياسية في جميع دول العالم، سيما الشرق الأوسط، فهي تزيل صفة الإرهاب عن مجموعات ارتكبت مجازر بحق المدنيين فقط لأنها تخدم مشروعها في المنطقة، لكن بالمقابل تتهم أطرافاً أخرى وتفرض عليها عقوبات، لأنها تدافع عن أرضها ومبادئها وتخالف المشاريع الغربية في المنطقة، وأثار هذا التناقض الكبير في المعايير، تساؤلات حول مدى جدية أمريكا في مكافحة الإرهاب، ووضع الكثير من علامات الاستفهام حول دعم واشنطن للجماعات المتطرفة التي تخدم مشروعها.
الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للسيطرة على مقدرات المنطقة ونهب خيراتها، تارة عبر السيطرة العسكرية، وتارة أخرى من خلال وضع العديد من الاتفاقيات الدولية لما يسمّى بمكافحة الإرهاب، لكن هذه الاتفاقيات يتم التلاعب بها، بناءً على المصالح الأمريكية، لذلك نجد تكرار القرارات بخصوص وضع جماعات وإزالة آخرين من لائحة الإرهاب الدولية، وأصبحت اللائحة مؤخراً مجرد ورقة ضغط بيد الجانب الأمريكي خاصة ضد محور المقاومة الإسلامية “المحور الشيعي” سيما انهم الفرقة الوحيدة التي تعارض مشاريع الاستكبار في المنطقة، وترفض هيمنة الكيان الصهيوني على الدول الإسلامية.
قرار إزالة هيأة تحرير الشام الاجرامية “النصرة” سابقاً من لائحة الإرهاب الدولية تؤكد الازدواجية الأمريكية في التعامل مع مفهوم الإرهاب، إذ تبين ان واشنطن تستخدم هذه الوسيلة للضغط على شعوب المنطقة وتحقيق مصالحها، وبالتالي فأن شطب “النصرة” من الإرهاب يأتي كمكافأة للجماعات الاجرامية في سوريا على تنفيذها للمشروع الأمريكي، وان التصنيف السابق لم يكن إلا مسرحية كتبها الأمريكيون ومثلها الإرهابيون العرب والأجانب، وفقاً لتفسيرات مراقبين للوضع الإقليمي في المنطقة.
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي حيدر عرب الموسوي “علينا ان نفهم نقطة مهمة، ان الولايات المتحدة الأمريكية لا تتعامل مع الآخرين وفق المعايير الدولية، وبالتالي فأن التعريفات الخاصة بالإرهاب والديمقراطية تفسرها حسب مصلحتها الشخصية”.
وأضاف الموسوي: أن “أمريكا لديها معيار أساسي وهو بعد التنظيمات عن الكيان الصهيوني، بمعنى آخر، ان أية مجموعة لا تهدد إسرائيل، فستكون بمأمن من العقوبات الأمريكية”، منوهاً الى ان “محور المقاومة اليوم مصنف بلوائح أمريكا للإرهاب فقط لأنه يهدد أمن الكيان الغاصب ويفشل مشاريعه بالمنطقة”.
وأشار الى ان “جبهة النصرة وغيرها من المجاميع الإرهابية في سوريا وغيرها من المناطق، اليوم لديها ترتيب واضح للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وعندما نصل الى هذه المرحلة، فالولايات المتحدة لا يعنيها التعريف الحرفي للإرهاب”.
وبيّن الموسوي: ان “داعش والقاعدة والنصرة وغيرها من المجموعات الاجرامية صنيعة أمريكية وبالتالي، فأن من أسس الإرهاب وصنعه هي الولايات المتحدة، وهي من تضع معايير الإرهاب حسب أمزجتها ومصالحها”.
المثير للجدل انه في لوائح الإرهاب الأمريكية، فان العقوبات تطبق على قوى المقاومة في المنطقة فقط، فاليوم جميع جبهات المحور ضمن هذه القوائم وعليها عقوبات اقتصادية وقيود سفر، في مقابل ذلك، فأن أغلب قادة التنظيمات الاجرامية وجميع المنتمين لها يتمتعون بدعم كبير من الدول الغربية وأبواب الدول الأوروبية مشرعة أمامهم، والمنظمات التي تُعنى بحقوق الانسان تغض النظر عن جرائمهم.
الجدير ذكره، ان إدارة ترامب ألغت تصنيف “هيأة تحرير الشام” التي كان يقودها الإرهابي السوري أبو أحمد الجولاني، من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، على الرغم من وجود أدلة مصورة على ارتكابها جرائم ضد المدنيين في سوريا والعراق، ليثير هذا القرار جدلاً واسعاً ويؤكد الاتهامات الموجهة لواشنطن، حول تبنيها المنظمات الاجرامية ودعمها، لتحقيق مصالحها خاصة في منطقة الشرق الأوسط.س222