كنوز ميديا – تقارير
جدد صندوق النقد الدولي تحذيراته للعراق من خطورة التحديات الاقتصادية في ظل تراجع نمو القطاع غير النفطي رغم الإصلاحات المالية التي أعلنت عنها الحكومة العراقية في بداية تسنمها إدارة الدولة منذ ما يقارب الثلاث سنوات والنصف.
حيث أظهرت بيانات تباطؤَ نمو القطاع غير النفطي من 13.8% في العام 2023 إلى ما يقدر بنحو 2.5% في العام 2024، متأثرًا بانخفاض الاستثمار العام، وضعف الميزان التجاري، وقيود التمويل التي أدت إلى تراكم المتأخرات.
ويُعد هذا المؤشر البياني المنخفض ناقوس خطر يدق في جسد الاقتصاد العراقي الذي يعتمد اعتمادا كليا على الواردات النفطية ويهمل القطاعات الأخرى رغم امتلاك العراق مؤهلات وأراضيَ خصبة لاستثمار موارد أخرى تسهم برفد خزينة الدولة بأموال غير نفطية كالزراعة والصناعة والسياحة .
هذا ومن المتوقع أن تُثقل قيود التمويل، وضعف الاستثمار، وإمكانيات النمو المحدودة كاهل النمو وتفاقم مَواطِنَ الضعف القائمة، بحسب الصندوق.
وشدد الصندوق حسب بيانه الاخير على ضرورة اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة تتمثل في التصحيح المالي ، واحتواء مخاطر السيولة، واستقرار الدَّين على المدى المتوسط ومراجعة خطط الإنفاق التجاري والرأسمالي لعام 2025.
وفي ظل هذه التحذيرات أكد مختصون أن تطبيق الإصلاحات المقترحة من قبل صندوق النقد الدولي من شأنه أن يوفر حيزا ماليا من أجل زيادة الإنفاق الرأسمالي غير النفطي ، وذلك يتم من خلال توسيع الاستثمار في التجارة والصناعة والزراعة وتطوير موارد الغاز الطبيعي، لتعزيز أمن الطاقة ، وبذل المزيد من الجهود لتحسين السياسة النقدية من خلال إصدار أذون البنك المركزي وتعديل حدود حجم العطاءات ، مؤكدين على ضرورة تحسين المشتريات وإدارة المالية العامة ومعالجة الفساد وذلك سيسهم في تعزيز فعالية أية استثمارات عامة جديدة .
ووسط هذه المؤشرات حَمَّلَ مراقبون الحكومة مسؤولية الإخفاق في تنويع مصادر الدخل العراقي والاعتماد الكلي على الثروات النفطية والتي بدورها تتأثر بالعوامل الخارجية المفتعلة من قبل الجانب الأمريكي والكيان الصهيوني .
حيث أكدوا أنه حسب البيانات الاقتصادية أن إجمالي الإيرادات النفطية وغير النفطية لعام 2024 بلغت 140 تريليونًا و774 مليار دينار، منها 127 تريليونًا و536 مليارًا من صادرات النفط، أي ما يمثل 91% من موازنة الدولة العامة”.
أمَّا الإيرادات غير النفطية، فقد بلغت 13 تريليونًا و237 مليارًا فقط، أي بنسبة 9% من الموازنة، ما يعكس هشاشة التنويع المالي ويكرس تبعية الدولة لعائدات الخام.
وفي هذا الإطار بين الخبير الاقتصادي الدكتور فالح الزبيدي في حديث أن “الاقتصاد العراقي يعتمد على ميزانية استثمارية وهي التي تُنفق على الجانب الخدمي كمشاريع الطرق والجسور وميزانية جارية تُنفق على رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية” ، مضيفا أن “الاقتصادي الريعي للعراق سيُعرِّض البلاد بالتأكيد لتحديات جَمَّة لأن أسعار النفط العالمية بيد الجانب الأمريكي والتي تستخدمها كورقة ضغط سياسية ضد الدول التي تعترض إدارتها” .
وأشار الزبيدي الى أن “الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة العراقية في بداية تشكيلها لا ترتقي الى مستوى النمو الاقتصادي في ظل التداعيات الكبيرة التي يشهدها العالم ، مشددا على ضرورة تفعيل المصانع والتي بدورها ستساهم في تشغيل الايدي العاملة وتقلل البطالة كما سيكون لها دور في تقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي “.
ولفت الزبيدي الى أن “أغلب الشركات العراقية حاليا خاسرة ولم تُجدِ نفعا في رفد ميزانية البلد بأي أموال بل بالعكس ترهقها من خلال رواتب الموظفين” .
ويبقى السؤال مفتوحًا: إذا كانت الدولة العراقية تفرض ضرائب وجبايات ورسومًا على كل قطاع تقريبًا، فأين تذهب أموالها غير النفطية وإذا كان النفط خاضعًا للرقابة الدولية عبر البنك الفيدرالي، فإن الأموال المحلية تبدو أكثر عُرْضةً للضياع داخل آليات الدولة نفسها، خصوصًا في ظل تعدد الجهات والمصالح المتداخلة.س222