الحجاب بين فريضة الله وحملات الإغواء

بقلم _ ريما فارس

في الآونة الأخيرة، عجّت منصات التواصل الاجتماعي بموجة جديدة ومؤسفة: فتيات يخلعن الحجاب أمام الكاميرا، بوجوه واثقة وابتسامات لا تخلو من التحدّي، وكأن هذا الخلع فعل بطولة، أو قرار تحرّر. واللافت أن هذه الموجة تلقى دعمًا واسعًا، تحوّل إلى ظاهرة جماعية خطرة، خاصة مع دعم رموز سياسية مثل دونالد ترامب، الذي استخدم هذه الحملة كوسيلة ضغط ثقافي على مجتمعاتنا المسلمة.

 

لكنّ المسألة ليست في قطعة قماش تُخلع أو تُرتدى. المسألة أكبر، أعمق، وأخطر. إنها مسألة علاقة مع الله.

 

الحجاب، قبل أن يكون رمزًا دينيًا أو لباسًا شرعيًا، هو أمر إلهي واضح في القرآن الكريم، فرضه الله على المرأة المسلمة لصونها، لا لقيدها. الله سبحانه وتعالى حين أنزل آية الحجاب، لم يترك الأمر للتقدير أو المزاج الشخصي، بل قال تعالى:

“وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ…”

 

هذه الآية لا تقبل التأويل العبثي. الحجاب ليس خِيارًا؛ هو تكليف رباني. ومثل كل فريضة، ليس بالضرورة أن تميل إليه النفس أو تحبه منذ البداية، لأن النفس بطبيعتها تميل إلى التفلّت، وقد قال تعالى:

 

“إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ”

فالقول “أنا غير مقتنعة بالحجاب” لا يغيّر من حكم الله شيئًا. الدين ليس قائمة اختيارات، بل طريق عبادة، نُسلّم فيه لله، ونسير على ما أمر، سواء أحببنا الأمر أم لا.

 

فوائد الحجاب ليست مجرّد ظواهر،

الحجاب عبادة قبل أن يكون زينة أو عادة. هو التزام بقانون الله، وطاعة تُكتب للمرأة في ميزانها عند الله.

وهو صيانة، ليس فقط من نظر الآخرين، بل من الوقوع في الفتن، من استسهال التبرّج، ومن الانزلاق في مسارات التشييء والاستهلاك الجسدي.

وأيضاً الحجاب هو احترام للذات؛ هو رسالة تقول: “أنا أُعرَف بعقلي وأخلاقي لا بجسدي”، بينما العالم يحوّل المرأة إلى سلعة تُسَوّق وتُعرَض.

وهو موقف مقاومة في وجه ثقافة تريد تجريد المرأة من هويتها، وتحويلها إلى تابع أعمى لما يُبَثّ ويُروّج.

 

 

خلع الحجاب ليس حرية، بل معصية،فلنكن صادقين ،مثل ترك الصلاة، أو شرب الخمر، أو أي معصية أخرى. ولا مبرر لها مهما حسنت النوايا أو كانت الضغوط. هل تغيّر الذنب لأنه “علني” على الكاميرا؟ بل هنا الخطر أعظم، لأن التأثير أصبح جماعيًا، ولأن من تخلعه تصبح قدوة سيئة لغيرها، وتحمل وزر من تتأثر بها.

 

والأخطر، أن تُلبس المعصية ثوب “التحرّر” أو “الحق الشخصي”، فتصبح الفريضة وكأنها سجن، وتصبح المعصية حرية! هذه قسمة باطلة، وتزوير للحقيقة.

 

يظن البعض أن الإيمان يعني أن أشعر بشيء داخلي فقط. أن أحب الله، وأكتفي بذلك. لكن الإيمان الحقيقي يُترجم إلى أفعال. الإيمان التزام. فإذا كنتِ تحبين الله حقًا، فكيف ترفضين أمره؟ كيف تبرّرين عصيانه بالهوى والضغط الاجتماعي أو السياسي؟

 

نصيحة لكل فتاة كوني أقوى من التيارات. لا تجعلي من السوشال ميديا ميزانًا لدينك. لا تغترّي بمن تخلع الحجاب بثقة على الكاميرا، فالثقة لا تبرر الخطأ. وما دام الحجاب فرضًا من الله، فثبتي عليه، واحتسبي الأجر، واعلمي أنكِ في زمن الفتنة، والثبات فيه أعظم من ألف خطوة على طريق الزيف.

 

قال رسول الله ﷺواله

“بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء.”

فطوبى لكِ إن كنتِ غريبة بثباتك، لا بتنازلك.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى