إلى متى يستمر تمرّد أربيل على الدولة العراقية؟
بقلم _ وليد الطائي
لا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تسكت طويلاً على هذا التمادي الوقح من قبل إقليم كردستان، الذي لم يكتفِ بعدم الالتزام بقرارات الحكومة الاتحادية، بل يصرّ على لعب دور “الدولة داخل الدولة”، ويتعامل مع بغداد وكأنها “جهة تمويل” لا أكثر!
نحن نتحدث اليوم عن قضية تمسّ حياة الناس، وتمسّ العدالة، وتمسّ هيبة الدولة: أموال النفط التي يبيعها الإقليم دون العودة إلى المركز، و”يتفنن” في إنكار ما عليه من التزامات مالية، في وقت يخرج فيه موظفو الإقليم إلى الشوارع بسبب تأخّر رواتبهم. طيب، من يتحمل مسؤولية ذلك؟ بغداد؟ أم من استحوذ على نفط الشمال ورفض تسليمه إلى الدولة؟
أين تذهب أموال نفط كردستان؟
لماذا لا تسلّم أربيل برميلًا واحدًا من النفط إلى شركة “سومو” كما تنص عليه الاتفاقات؟ ولماذا لا يعلم أحد مقدار الإنتاج الحقيقي هناك؟ ومن هي الجهات التي تشتري هذا النفط في السوق السوداء؟ أسئلة يعرف العراقيون جوابها: تذهب إلى جيوب حفنة فاسدة تتحكم بالإقليم، أولهم مسعود بارزاني الذي أصبح رمزاً للعناد والانفصال الاقتصادي عن الدولة، يفاوض بغداد حين يشاء، ويتمرّد حين يشاء، ويتباكى على “الحقوق” بينما يسرق لقمة الناس.
كيف يمكن لبغداد أن تدفع رواتب موظفي الإقليم، في حين لا يدخل فلس واحد من نفط الإقليم إلى خزينة الدولة؟
هل يعقل أن المركز يدفع، وأربيل تبيع وتستحوذ وتختفي خلف خطاب المظلومية الكاذب؟ هذه ليست عدالة، هذا استخفاف بالشعب العراقي، وبالجنوب الذي تُنهب ثرواته، ويُستنزف لتغطية فساد أربيل.
السكوت عن هذا الملف خيانة وطنية.
مسعود بارزاني لم يعد مجرد زعيم محلي، بل أصبح مشروعاً انفصالياً مكشوفاً، يُمعن في إذلال الدولة، ويضغط على المركز بابتزاز مستمر: إمّا الأموال بلا حساب، أو اتهام بغداد بالعنصرية والتهميش! فيا سادة، من الذي همّش نفسه؟ من الذي اختار أن يبني دولة نفطية خاصة؟ من الذي رفض الخضوع للمحكمة الاتحادية؟ من الذي يفاوض شركات أجنبية خلف الكواليس ويبيع ثروات العراق دون رقيب ولا حسيب؟
لقد آن الأوان أن تتعامل الحكومة العراقية بقوة، لا بخجل، وأن يُربط صرف أي دينار للإقليم بإثبات واضح لكل برميل نُقل إلى سومو، ولكل دولار دخل خزينة الدولة. هذا أقل ما يمكن أن يُقال عن “العدالة المالية”، لأننا إن سكتنا أكثر، فسنجد أنفسنا ندفع رواتب شعب بأكمله، بينما تنعم العوائل الحاكمة في أربيل بقصورها، وتستمتع بعائدات النفط المسروق.
كردستان ليست دولة، بل جزء من العراق، وإذا أرادت أن تُعامل كدولة، فعليها أن تتحمّل كل تبعات ذلك.
إمّا دولة داخل الدولة، وإمّا فدرالية ملتزمة بالدستور والقانون، لا منطقة مستقلة وقت المغانم، و”مظلومة” وقت العجز!