فداء بلا حدود… ووفاء بلا قيود
بقلم _ صفوة الله الأهدل
صحراء نينوى غربلت كل من كان يدعي الإسلام، ففيها تجلّى الطيّب من الخبيث، والمؤمن من المارق، ومعركة كربلاء غير المتكافئة قسمت الأمة إلى جيشين، جيش يضم حزب الله النجباء، وجيش يضم حزب الشيطان الطلقاء، هناك من صدق ووفى مع الإمام الحسين واستبسل في مشهد قل نظيره، وهناك من بايع الإمام الحسين ثم نقض البيعة وترك نصرته واصطف في جيش عدوه، وتخلّى عنه؛ بل وخذله خوفًا من يزيد ومما بيده ورغبة مما عنده_ طمعًا في حكم أو كرسي_ ، إلّا قلة قليلة من المؤمنين الصادقين بقايا من أنصار الرسالة.
خرج الإمام الحسين زاحف إلى أرض كربلاء بأهل بيته وأطفاله ونساءه، على أن لايبايع الدعي الفاسق الفاجر يزيد ولم يتراجع وهو يعلم أن في خروجه القتل والتنكيلًا؛ فالقوم يطلبون رأسه، خرج في قلة من ناصر ومعين يطلب النصرة والعون ولا من مجيب، ذكّرهم من هو أبيه وأمه ومن هو جده، ذكّرهم بأحاديث نبيهم التي قيلت فيه لكنهم لم يرعووا ويتراجعوا عن غيهم وتركوه بين خيارين: “إما أن يبايع يزيد، أو بين القتل”، فاختار سلة السيف على الذلة.
حظي الإمام الحسين بخيرة أنصار وأصحاب لبوا نداه وأجابوا دعواه فغد كلٌ منهم يجود بنفسه؛ بذلوا مهجهم، وأبوا أن يَحيوا دونه، فحالوا دون أن يُقتل حتى قُتلوا جميعًا، تقدّموا إلى الأرض المعركة، وتفانوا في القتال، وتسابقوا للشهادة بين يديه في سبيل الله وتحت رايته، وفضّلوا الموت معه على الحياة مع عدوه يزيد وقال أحدهم: “لو علمت أني أُقتل ثم أحيا ثم أُحرق حيا ثم أُذرى يفعل بي ذلك سبعين مرة مافارقتك حتى ألقى حِمامي دونك فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة” وقال آخر: “لوددت أني قُتلت ثم نُشرت ثم قُتلت حتى أُقتل كذا ألف قتلة وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك”؛ كانوا صادقين وأوفياء فحموا بأجسادهم حَرم الله، وبقية رسول الله، ونور الوحي، ومعدن الرسالة، وعندما رأى الإمام الحسين ثباتهم وإيثارهم بنفسهم له وكل هذا قال: “فإني لا أعلم أصحابًا أوفى ولا خيرًا من أصحابي ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عني جميعًا” ،في كربلاء من كان عبدًا صار مع الحسين حرًا ،ومن كان حرًا مع يزيد أصبح عبدًا .ولا ننسى أيضًا صبر وتضحية أهل بيت الإمام الحسين، فمن بين أعمدة الدخان المتصاعدة صدعت زينب بقول الحق كأسد يزئر في عرينه، وقفت في وجه طغيان يزيد، وجاهرت بالحق ولم تخف في الله لومة لائم، بل واعتبرت كل تلك التضحيات شيء جميلًا وطلبت من الله أن يتقبّله منهم، ولولا جهادها لما وصلت إلينا مظلومية كربلاء، ولولا ثباتها لما سُحق باطل عبيدالله بن زياد، ولولا صوتها لما فُضح يزيد في مجلسه وكُشف على حقيقته وهُزم في عرش ملكه، لولا صبرها لما بقي شيء من روح النبوة وعبق الرسالة، ولوصل الأعداء إلى غيهم ومبتغاهم.
برأس الحسين المذبوح، وبأوصال علي الأكبر الممزق، وبكفي العباس المُقطّعة، وبعباءة زينب المحترقة وصوتها الصادح، وبجسد السجاد المتعبة،و بأرواح الشهداء المُحلّقة، انتصر الدم على السيف، وانتصر معه الإسلام المحمدي الأصيل على الطغيان الأموي، ووصل عبق شذاه بقيمه ومبادئه وتعاليمه إلينا، وبقي حيًا إلى اليوم.
#الحملة_الدولية_لفك_حصار _مطار _صنعاء
#اتحاد_كاتبات_اليمن