السُفن ترفع شعار “نحن مسلمون” لتجنب نيران اليمن
متابعات/عبدالله علي هاشم الذارحي؛
في مشهد يعكس حجم التأثير الاستراتيجي للعمليات البحرية اليمنية على حركة الملاحة الدولية، تلجأ العديد من السفن التجارية المبحرة في البحر الأحمر إلى بث رسائل علنية تعلن فيها أن طواقمها “جميعهم مسلمون”، وأنها لا تملك أي ارتباط بـ”إسرائيل”، في محاولة يائسة لتفادي الاستهداف من قبل قوات صنعاء، وفق ماكشفه تقرير لوكالة رويترز
قبل أمس الجمعة.
وبحسب التقرير الذي أعده الصحافي جوناثان سول، فإن السفن باتت تضيف معلومات لافتة على أنظمة التتبع العامة (AIS)، مثل: “طاقم السفينة مسلم بالكامل”، أو “السفينة لا تربطها أي صلة بـ”إسرائيل”، وهي إشارات تعكس – بحسب مصادر أمنية بحرية – الذعر المتصاعد في أوساط الشركات الملاحية العالمية من إمكانية الوقوع في مرمى نيران الجيش اليمني.
تأتي هذه المستجدات بعد أيام من إغراق سفينتين تجاريتين في جنوب البحر الأحمر من قبل القوات اليمنية، ضمن ما وصفه زعيم حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، بـ”رد مشروع على مشاركة شركات الشحن في تمويل جرائم العدو الإسرائيلي في غزة”، مؤكدًا أن “أي شحنة مرتبطة بالعدو لن تمر عبر مياه البحر الأحمر”، بحسب ما نقلته وكالة سبأ.
وأضافت رويترز أن الهجمات الأخيرة أنهت شهورًا من الهدوء النسبي، ودفعت بأسطول عالمي متخوف إلى اعتماد وسائل إعلانية وحتى دينية، في مسعى لتجنب ما تصفه بـ”الطائرات القاتلة المسيرة اليمنية”.
مصادر في الأمن البحري أكدت لـرويترز أن إجراءات السفن التي تعلن انتماء طواقمها الديني أو جنسياتهم “لن تغير من واقع المعركة”، مشيرين إلى أن المعلومات الاستخبارية لدى القوات اليمنية أكثر تقدمًا وعمقًا من مجرد ما يعرض على نظام AIS. وكشفت المصادر أن السفن التي تم استهدافها هذا الأسبوع كانت قد أجرت رحلات بحرية إلى موانئ تابعة للاحتلال في الأشهر الماضية، وهو ما يعد كافيًا لتصنيفها كهدف مشروع.
بحسب بيانات لويدز ليست إنتليجنس، انخفض عدد السفن التي تمر يوميًا عبر مضيق باب المندب إلى 32–35 سفينة فقط في الأيام الماضية، مقارنة بمتوسط 79 سفينة يوميًا في أكتوبر 2023، أي قبل بدء العمليات اليمنية.
وفي السياق ذاته، قالت جمعية البحارة الخيرية، ومقرها المملكة المتحدة، في بيان نقلته رويترز: “البحارة هم عصب التجارة العالمية، ولا يجب أن يخاطروا بحياتهم أثناء أداء مهامهم”، في إشارة إلى تصاعد القلق من سلامة الطواقم في ظل تزايد العمليات اليمنية الدقيقة.
تداعيات الحصار اليمني على الممرات الملاحية لم تتوقف عند حدود التخويف، إذ ارتفعت تكلفة التأمين على شحن البضائع عبر البحر الأحمر إلى أكثر من الضعف، ما دفع بعض شركات التأمين – بحسب تقرير شركة “أون” – إلى التوقف عن تغطية بعض الرحلات تمامًا، مع الإبقاء على تصنيف البحر الأحمر ومضيق باب المندب كـ”منطقة عالية المخاطر”.
وبينما تتحول السفن شرقًا نحو رأس الرجاء الصالح هربًا من سواحل اليمن، يتكرّس الدور اليمني في إعادة رسم خارطة التجارة الدولية. فخلف رسائل “نحن مسلمون” و”لسنا إسرائيليين”، هناك رعب عالمي حقيقي من قوة يمنية أثبتت أن البحر الأحمر لم يعد ممرًا آمنًا لمن يموّل العدوان على غزة..
وعن عمليات اليمن الأخيرة تحدثت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن دقة ضربات صنعاء البحرية، والمساندة لغزة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية واستخباراتية، قولهم، إن هجمات صنعاء مثلت نقلة نوعية من حيث التخطيط والتنفيذ، واستخدمت فيها القوارب الانتحارية والطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة بالتزامن.
وأوضحت الصحيفة في تقرير، أن هجمات صنعاء الأخيرة في البحر الأحمر، تأتي بعد نحو شهرين من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن “وقف لإطلاق النار” مع صنعاء، وهو ما اعتبر حينها انتصارًا سياسيًا لإدارته، لكن الهجوم الأخير أثبت زيف تلك الادعاءات، بحسب مراقبين نقلت عنهم الصحيفة.
وأشارت إلى أن هجمات صنعاء تؤكد امتلاكها للقدرة والإرادة لشل الملاحة العالمية متى شاءت، وأنها باتت تُدير المعركة وفق توقيتاتها الخاصة، في ظل انسحاب وتراجع التحالفات الغربية من مسرح البحر الأحمر، وانكشاف هشاشة منظومات الحماية الغربية أمام ضربات بحرية نوعية لا تتوقف..؛انتهى..