الإمام زيد… شهيدُ الحق، ودمُه ما يزالُ نورًا يهدي الأحرار، وموقفًا بجسده الأنصار
بقلم _ طوفانُ الجنيد.
المقدمة: التعريف بشهيد الحق:
إنه الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وأمّه “جَيداء”. وُلِد في المدينة المنوّرة سنة 67 للهجرة. عُرف بعلمه وزُهده، فجمع بين وراثة النبوّة، وثورة الكرامة، وعدالة الرسالة.
ومن ألقابه: الإمام الأعظم، شهيد الحق، حليف القرآن، كما كان يُلقّبه أئمة عصره.
الإمام زيد… الشعلةُ الثوريةُ التي لا تنطفئ:
كيف لا يكون الإمام زيد ثوريًّا، حرًّا، أبيًّا، وهو سليل العترة الطاهرة، وسبط جده الحسين، قائد الأحرار، وشهيد الكرامة؟!
لقد عاش الإمام في ظلّ الحكم الأموي، وعايش ظلم تلك الفئة الباغية، وسطوة الطغيان الذي خيّم على الأمة الإسلامية. فكان الإمام زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) شعلةً مضيئةً تنير درب الأحرار، وتشعل ثورةَ الحقّ ضدّ الطغيان.
كان تجسيدًا حيًّا لروح الجهاد والتضحية، ورفع شعارًا خالدًا:
“من أحبّ الحياةَ عاش ذليلًا.”
فآثر الموت الكريم على حياةٍ تحت نير الظلم، وكانت شهادته نورًا يهدي الأجيال المتعاقبة نحو درب الحرية والكرامة.
لم يكن الإمام زيد ليقبل بالظلم الذي مارسه بنو أمية ضد الأمة، رافضًا السكوت عن استبدادهم وفسادهم، فأعلن ثورته ضدّ نظامهم الجائر، بقوة الإيمان، داعيًا إلى إحياء كتاب الله وسنّة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وجهاد الظالمين، ونصرة المستضعفين.
ومن أقواله الخالدة:
“إنا ندعوكم إلى كتاب الله، وسنّة نبيّه، وجهاد الظالمين، والدفع عن المستضعفين، وإعطاء المحرومين.”
وهذا النهج الثوريّ التحرّري، هو ما نلمسه ونطبّقه اليوم في يمن الإيمان والحكمة، في ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، بقيادة السيّد القائد، علم المرحلة، وقائد معركة الفتح الموعود والجهاد المقدّس، الرافض للظلم والاستكبار والتبعية والفساد.
وقد تواصلت بعدها معركة التحرّر والكرامة، رغم تحالف الأعراب والأمريكان والصهاينة، الذين أشعلوا حربًا وعدوانًا مستمرًا منذ أكثر من عقد، فكان الدفاع والتصدي والتضحيات عنوانًا للشعب اليمنيّ.
واليوم، في معركة الدعم والإسناد لغزّة، نواصل تلك التضحيات، برًّا وبحرًا وجوًّا، بثباتٍ وصمودٍ وبسالة، وتأثيرٍ فعّال، أصاب العدوّ الأمريكيّ والصهيونيّ بالشلل والانهيار والرعب، حتى لحظة كتابة هذه السطور.
استشهاد الإمام زيد… دروسٌ في التضحية والفداء:
تعرّض الإمام زيد لما تعرّض له جدّه الحسين (عليهما السلام) من خذلان، حين تخلّى عنه بعض أهل الكوفة بعد أن بايعوه، لكنه لم يتراجع، بل واصل جهاده حتى استُشهد في معركةٍ غير متكافئة.
لقد أُصيب بسهمٍ غادرٍ في جبهته، وهو قائمٌ يُصلّي في ساحة الوغى، وقد حاصرته جيوش النظام الأموي بقيادة هشام بن عبد الملك. فسقط شهيدًا في سبيل المبادئ، لا لأجل سلطة أو جاه.
وبعد استشهاده، عمد الأمويّون إلى صلبه منكسًا في سوق الكُناسة بالكوفة، حيث بقي جسده الطاهر مصلوبًا لأربع سنوات، في محاولةٍ منهم لإخماد صوت الحق… لكن دمه صار نورًا يهدي الأحرار، ويشعل جذوة الثورة في القلوب.
الخاتمة: الإرثُ الخالد:
لقد ترك الإمام زيد (عليه السلام) إرثًا خالدًا، يتجاوز الزمان والمكان؛ فقد أسّس مدرسةً فكريةً وجهادية تُعرف بـ”الزيدية”، تحمل قيم القرآن والعترة الطاهرة، وتثور في وجه الظلم والظالمين.
وهذا هو نهج أحرار اليمن، نهج الجهاد والوعي، الذي يتجلّى اليوم تحت رايات الهُدى، بقيادة حفدة الإمام الهادي، وأعلام آل بدر الدين الحوثي (سلام الله عليهم)، أولئك الذين جعلوا من دماء الشهداء مدرسةً للبذل والفداء، ومن التضحية مشروعًا للكرامة.
وستظلّ دماؤهم الطاهرة تروي شجرة الحرية والعدل والمساواة، ونصرة المستضعفين، ونورًا لا ينطفئ، يهتدي به كلّ الأحرار.