بين الحماسة والواقعيَّة
بقلم _ الشيخ محمد الحميداوي
قد تدفع الحماسة والحنق على إسرائيل، بعض الاخوة إلى نوع تعاطف مع ما يجري في سوريا، وهو امر متفهم إجمالًا ولكن قد يبالغ بعضهم في حماسته فيصطنع واقعًا موهومًا يكون فيه الصراع( جولاني- إسرائيلي ) ثم يرتب على ذلك نتيجة حاصلها : ( لو خُيَّرت بين الوقوف مع الجولاني أوإسرائيل لاخترت الوقوف مع الجولاني)!
الحقيقة هي أنَّ إسرائيل في جميع حالاتها ظالمة ولنا معها ثارات بطول تاريخها الدموي، ولكن علينا أن لا ننسى أنَّ نظام (الذبح) هو الذي قال ذات يوم لإسرائيل ( عدونا وعدوكم مشترك ) ولا يعني بالعدو إلا ( الشيعة) وهو الذي يضيق الخناق على المقاومة في لبنان وعموم الشيعة هناك ويتفاخر بذلك وهو الذي انطيت به مهمة تصفية سلاح ( حزب الله) مثلما المَح المبعوث الأمريكي إلى ذلك قبل يومين او ثلاثة، وهو الذي يجاهر جمهوره صباحًا ومساء ب( جاينك عكربلا) وله موقف سيء من المقاومة الفلسطينية، وفوق هذا وذاك فهو نظام وظيفي قد تم صنعه على أعين اللاعبين الدوليين والإقليميين لمآرب لم تعد خافية على احد .
باختصار ورغم أسفنا لما يحدث لسوريا التاريخ والثقافة بالفعل، ومن قبلً ذاك، تسلط هذا النظام المتوحش على مقدراتها وهو الذي يصدق فيه قول هند بنت النعمان زوجة الحجاج :
وما هند الا مهرة عربية … سليلة افراس تحللها بغل.
فإن ولدت فحلا فلله درها … وإن ولدت بغلا فجاء به البغل
ومع ألمنا لما يجري للأبرياء والمستضعفين هناك، ولكن علينا ان نعي أنَّ الصراع الحالي هو صراع (شايلوكي- تيميّ)، لا ناقة لنا فيه ولا جمل، وليس من المتوقع ان يتسع ابعد من ضربات محددة.
ويبقى الحديث عن خطر ذلك على العراق لا لشيء إلا لأنَّ إسرائيل قد صارت قريبة من الحدود العراقية، مدعاة للتندر؛ لأنَّ إسرائيل يمكنها ان تصل إلى عمق أعماق العراق بلا اي مانع، ولولا بعض الاعتبارات لرأينا ضرباتها اليوم في العراق بدلًا من سوريا!
ومن غرائب الإمور أن يقول لك بعض المفصولين عن الواقع، إنَّ موقفك هذا، موقف طائفيٌَّ !
ولا ادري ولا المنجم يدري، متى كان الوقوف في وجه داعش وبناتها وأخواتها، طائفيَّة !