أين أمة المليار مسلم من تجويع غزة؟
بقلم _ وليد الطائي
في زمنٍ يتبجح فيه العالم بحقوق الإنسان، ويصدّع رؤوسنا بالمواثيق الدولية، تُذبح غزة خنقاً وتجويعاً أمام مرأى ومسمع الجميع، ولا أحد يحرّك ساكناً. شعبٌ يُحاصر ويُحرم من الغذاء والدواء والماء، وتُستهدف مستشفياته ومدارسه ومخيمات نازحيه، في أبشع صور الإبادة الجماعية التي لم يسبق لها مثيل، ومع ذلك تصمت أمة المليار مسلم صمت المقابر، وكأن شيئاً لا يحدث!
أين أنتم أيها الحكام؟ أين بياناتكم النارية التي كنا نسمعها أيام المحافل والمؤتمرات؟ أين قراراتكم “العاجلة” و”الطارئة” التي لا تتعدى سقف الإدانة والقلق العميق؟! هل أصبح دم الفلسطيني أرخص من النفط؟! هل باتت عواصمكم مشغولة بموائد التطبيع والرقص على جثث الأطفال في رفح وجباليا وخان يونس؟!
لقد بلغ الأمر حدّ الكارثة الإنسانية الكاملة. فغزة تُقصف ليلاً ونهاراً، وتُقطع عنها الكهرباء والماء والطحين وحليب الأطفال، وتُستهدف أفران الخبز والمخازن والمستشفيات وسيارات الإسعاف، فيما الإعلام العربي الرسمي في سبات، وكأن ما يجري ليس في قلب الأمة، بل في كوكب آخر!
أي عار هذا الذي نعيشه؟! هل ستحاسبنا الأجيال القادمة على هذا التخاذل؟ بل هل سنجرؤ على النظر في عيون أمهات غزة وأيتامها، ونحن نكتفي بالمشاهدة أو نبحث عن مسوّغات السكوت؟!
أما آن الأوان أن تتحرك الضمائر قبل أن تتحرك الجيوش؟ أما آن للعالم الإسلامي أن ينتصر للحق ولو مرة؟! أما آن للأحرار أن يقولوا: كفى؟!
لن يغفر التاريخ هذا الصمت، ولن ترحمنا أرواح الشهداء، ولن تسامحنا جراح الأطفال. غزة ليست قضية إنسانية فقط، إنها ميزان الشرف والرجولة، ومقياس الانتماء إلى هذه الأمة. ومن يخذلها اليوم، فهو ساقط من سجلّ العزّة مهما علا صوته أو علت مناصبه.
غزة تُجَوَّع، فهل ماتت نخوتكم؟!
غزة تُباد، فهل أصبحتم أنتم القاتل الصامت؟!
غزة تستغيث، فهل بقي فيكم من يردّ النداء؟!
وإن كان صوت الأمة قد خفت، فإن صوت المقاومة ما زال يدوّي، والحق لا يموت، ولو خذلته العروش وتواطأت عليه المؤتمرات.
فلسطين لا تنكسر… لكنها تسأل:
أين أنتم يا مليار مسلم؟!