غزة مرآة للإنسانية والضمير العالمي

بقلم _ البتول المحطوري

في وقت يتفاخر فيه العالم بالحرية والديمقراطية ويتشدق بحقوق الإنسان كعنوان يرمز للإنسانية ، تقف غزة عارية إلا من جراحها، محاصرة إلا من كرامتها، مكلومة إلا من كبريائها، لم تعد غزة كعنوان في خارطة الشرق الأوسط كدولة مضطهدة ومغتصبة من قبل الكيان الغاصب، بل أصبحت ميزانًا حقيقا يوزن فيه إنسانية العالم أجمع، ومقياس لِأخلاق الأمم.

منذُ سنوات طويلة كانت غزة مُخبأة داخل صندوق النسيان ومحكمة الوثاق ،تُعاني الحصار والقتل والتشريد بِمفردها تُقصف ليلا ونهارًا ويدفع ثمن ذلك الأطفال والنساء والمرضى ، لِتأتي أحداث 7 أكتوبر وتخرجها إلى الملأ لِتكون للعالم أجمع اختبار حقيقي لتلك الشعارات البراقة والتي سعى المُطبلون لتلميعها لتستساغ.

غزة اليوم لاتُقاوم الاحتلال فقط، بل تُقاوم النسيان الذي طال عشرات السنوات، شعبها لايعيش حالة استثنائية، بل القوانين الإنسانية المستمرة في استثنائها ، لايُؤلمها القتل مثلما يُدميها الصمت، ولايُبكيها الجوع مثلما يحزنها الغدر، لاتُطالب إلا بالإنصاف واسترداد الحقوق وإخراج الغدة من أرضها قبل أن تحتل باقي مدنها وأراضيها، أم أن المطالب لم يتم صياغتها في بنود التطبيع؟!

إن المأساة الحقيقة لا تتعلق باستهداف غزة، بل التعامل معها باعتياد كحدث مستمر يعرض في شاشات السينماء وسينتهي بانتهاء كل مافيها من حياة، حينها سيأتي المخرج وينزل الستار ويعلن انتهاء الأحداث ويعود الوضع كما كان سابقا،من ينظر لها كهذه النظرة فقد فقد جوهرية إنسانيته، فهي اليوم مرآة تكشف لنا حقيقتنا: من نحن؟

في كل مرة تستهدف فيها غزة يختبر العالم : من سيقف ويقول كلمة حق؟! ويميز بين المظلوم والجلاد ويخبر العالم بأن الأطفال والنساء والشيوخ ليسوا ثكنات عسكرية تستهدف، بل هم بشر لهم حقوق وحريات كباقي الناس ، ويقف ويُعيد صياغة القوانين الدولية من جديد ليكون الإنسان في مأمن من أنياب الكلاب البشرية، ولكن لا أحد يتحرك.

غزة اليوم ليست مجرد مدينة تحت لهيب النيران ، بل هي مقياس للإنسانية في هذا الكوكب، ليست للفلسطينين وحدهم، بل لكل من يرفض الظلم، ويؤمن بالعدل، ويؤلمه أن يقتل إنسان ظلمًا وهو يسعى للبحث عن رغيف خبز، أو دواء، أو يحتمي داخل خيمته، لأنه يُطالب بحريته.

غزة اليوم أثبتت بكل وجعها وصمودها، أنها ليست قضية سياسية تمرر لتختفي في إرشيف الأمم، بل هي قضية إنسانية ومعيار للأخلاق، إما أن ننصفها لتأخذ حقوقها كاملة كدولة لها سيادة، أو نصمت ونبقى في صف الخيانة للإنسانية والضمير.

#الحملة_الدولية_لفك_حصار _مطار _صنعاء
#اتحاد_كاتبات_اليمن

https://t.me/+yZJA_dQVii84Y2Vk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى