بقلم // علي عنبر السعدي
دولة المستقبل : مستبدة – أم متبددة ؟؟
دولة الرفاه تحتضر – الدولة القادمة تتحضّر
– انتظار للدولة المعجزة ؟ أم اقرار بالدولة العاجزة ؟؟
– مسار الدولة ومياه الطبيعة
– الاندماج إن لم يكن قسرياً تفرضه الضرورات ،فلن يكون طوعياً الا بالمشتركات .
– القوانين العادلة لاتساوي بين الجميع واقعاً ، لكنها منصفة للجميع ظاهراً .
– الدولة تحكم ما لاتملك – والشعب يملك ما لا يحكم
بعد مراحل طويلة من تقلبات الدولة وأشكالها ،وصلت الى مايمكن تسميته الدولة / الأنموذج ( المواطنة والرفاه والعقد الاجتماعي ) استطاعت الصمود لما يزيد عن قرنين من الزمن .
ذلك زمن ليس طويلاً قياساً بما شهدته المراحل السابقة من أنظمة الحكم في الدولة (*) ، لكن دولة الرفاه حملت كذلك عوامل تراجعها واحتضارها بأسرع من غيرها .
الزيادات المتسارعة في النمو السكاني ، وعدم قدرة الدولة في السيطرة عليه وتنظيمه ، سيجعلها تفقد قدرتها على اداء مهماتها تدريجياً ، ومعها فاعليتها في ادارة بلاد كثيفة السكان .
في ظروف كهذه ،ستعود المجتمعات الى تشكّلاتها الأولية التي لم تفقد تأثيرها حتى إبّان تقدّم الدولة ، حيث امتداد الطبيعة في قوانينها .
الناس على أشكالها تتجمع ، الكائن ونظيره ، كما في الطبيعة كذلك في المجتمعات ، ولم تتغير تلك الحقيقة حتى في المدن والبلدان الأكثر تحضرّاً ورفاهية ، فهي تشهد وجود تجمعات داخل احيائها من لون أو جنس أو دين واحد يشكلون أكثرية فيها .
ذلك يعني إن الاندماج إن لم يكن قسرياً تفرضه الضرورات ،فلن يكون طوعياً الا بالمشتركات .
“مفهوم ” الدولة بمنطقها الشرقي مازال يشهد رسوخاً تسنده “ثقافة” دينية متجذرة باللاشعور ،وفقاً لمقولة ” المستبد العادل ” الذي يستطيع فرض الأمن وحفظ وحدة الدولة وتأمين المتطلبات الحياتية وإن بالقليل من الحرية .
من أهم وظائف الدولة هي (فرض القانون) أما الديمقراطية ،فتحديد شكل النظام السياسي وطريقة الوصول الى الحكم وليس تخلّي الدولة عن وظائفها .
لكن مفهوم الدولة بكل أشكاله ،دخل واقع الإشكالية ، فنظام الاستبداد كي يستمر ،عليه أن يوفر رفاهية تستطيع التعويض عن فقد الحرية ، وهذا النوع يمكن أن يجد فرصته في المجتمعات الصغيرة ذات الثروات الكبيرة ( كدول الخليج ) حيث تستطيع أن تشتري زمناً مقابل رفاهية .
لكنها في المجتمعات الكبيرة ،ستصل الى مرحلة العجز عن الاستمرار في التقدمات ، وهذا ماحدث للأنظمة الاشتراكية ،حيث اجتمع فيها عاملان :فقدان الحرية وتراجع وظائف الدول الخدماتية.
تجربتان فقط استطاعتا التوصل الى نوع من نظام متجدد ضمن مقولتين ( عش ودعنا نعمل )الصينية – و(الديموكتاتورية )الروسية .
الحرية كالماء ،لاسيل جارف ولا مطر عاصف ، بل نهر يتم تطويعه عبر سدود وخزانات تتحكم بمناسيبه ، لكن ذلك يحتاج قدرات وابتكارات في شكل نظام سياسي ، يجعل من التناقض انسجاما ومن الاختلاف فاعلية .
ماذا عن العراق ؟ أي نظام سياسي لأية دولة ؟ وكيف يمكن الجمع بين هذا الكمّ من المختلف والمتناقض والمتحرك والمتقولب ؟
إنه بين خيارين : الدولة العاجزة – أو الدولة المعجزة .
فأي الخيارين هو الأقرب للتحقق ؟ وماهي عوامل القوة والضعف في كل منهما ؟
” انتهى زمن المعجزات ” ذلك مايبدو ظاهراً للعيان ،وبالتالي فالقول بأننا امام دولة عاجزة- قياساً بدولة الرفاه – يبدو الأكثر واقعية ، لكن هل يقدم ذلك حلاّ؟ ماذا بعد “عجز ” الدولة ؟ أية خيارات ستظهر ؟
الحلقة المقبلة : علم اجتماع الاحتجاج ، وانثربولوجيا الأمن و السياسة .
(*) :شهدت الدولة عبر التاريخ ،أربعة مستويات هي : المنظِّمِة (دولة المدن ) – المتحّكمة ( الامبراطوريات) الحاكمة (جمهوريات – ملكيات محلية – امارات) الخادمة (دولة الرفاه والعقد الاجتماعي ).. فكيف هي ملامح المرحلة الخامسة ؟