“وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ”

 بقلم // كوثر العزاوي

 

“محمد باقر الصدر” اسم تميّز بالعزة والشرف، إذ أقترن بحياة وقّادة بالعلم، زاخرة بالعطاء، قد ازدانت بحضورها اللامع على المستوى الدينيّ والثقافيّ والسياسيّ والاجتماعيّ، حيث كان “قدس سره” منذ صباه، متجّهًا بكلّه لطلب العلم وخدمة الإسلام، وكانت علامات نبوغه جليّة لكلّ من رافقه وعلَّمهُ أو تعلّمَ منه، وما إن سطع نجمه في الأوساط عالِمًا ومرجعًا، حتى تحوّل الى مصدر إلهام روحيّ، وسراج نورٍ أضاء الدرب، سيما المجاهدين الرافضين للذلّ والباطل، عِبر إخلاصه وفكرهِ المقاوم، مماجعل النظام البعثيّ الجبان يشعر بخطورة هذا الرجل، خصوصًا عندما بدَت في الأفق إمارات المعارضة والمناهضة للسلطة البعثية الدكتاتورية، وذلك في عام ١٩٧٩م، يوم أعلن الشهيد “محمد باقر الصدر” تأييدَهُ للإمام الخميني”رض” وحركته التغييرية الهادفة الى إقامة جمهورية إسلامية في إيران، وفعلًا تمّ ذلك التأييد، عقِب انتصار الثورة الإسلامية والقضاء على الامبراطورية الشاهنشاهية العميلة، عن طريق المهاتفة مع الأمام الخميني”رض” للتهنئة والدعاء، مما أثار سخط وذعر رأس النظام البعثي المجرم، فعمَد إلى عزله “قدس سره” عن الناس، وقطْعِ كل وسائل التواصل بينه وبين محبّيه، من خلال فرض الإقامة الجبرية، وتشديد الرقابة من قِبل الأجهزة القمعية التابعة لدوائر الأمن الإجرامي، حيث استمر الحصار نحو تسعة أشهر حسبما نُقل، وبعدها قامت تلك الأجهزة الدموية باعتقاله وأخته الساندة له في حركته ضد الطاغية، السيدة العلوية الشهيدة “بنت الهدى” في شهر نيسان من العام١٩٨٠م، واقتيدا حيث المصير المجهول. ولاشك بإنّ مَن تعتقله الجهات الأمنية آنذاك، لن يُعرف له مصير، ويخضع لأشدّ صنوف القمع والتعذيب ثم يُعدم باحدى الوسائل التي يلتذ بها السفاح!. وهذا ماعاناه السيد الشهيد “محمد باقر الصدر” وأخته العلوية النجيبة بنت الهدى”قدس الله سرهما” في تلك الدهاليز الهارونية المظلمة، وعلى أيدي أراذل الناس. وها قد دارت الأيام رحاها، لنرى جلّاده وقاتله ذليلًا خاضعًا للاستجواب، بعد ان وقع في قبضة العدالة. وقد أدلى معترفًا، بإعدام السيد العالِم الكبير “محمد باقر الصدر، وإعدام أخته العالِمة، وسط تعتيم إعلاميّ، بعدما ظنّ أولئك الأوغاد، بأنّ امتلاکهم الإمکانيات وأسباب القمع لمن يختلف معهم، وتحقيقهم الانتصارات والغلبة، إنّما هو لجدارتهم واستحقاقهم، ولا يعلمون بأنّ الله القادر، إنما يُمهلهم ويملي لهم، بسبب وُغولهم في أعماق وحلِ الضلال والطغيان، وفداحة سفكهم لدماء الأبرياء، لکي يستغرقوا في غفلتهم حتى ينسَوا الله فيُنسيهم أنفسهم! وها هو المجرم الجلّاد سعدون صبري، ومن معه من حثالة العصر، ممن ظنوا بطاغيتهم صدام خيرا، وأنه مَن سيدفع عنهم الذل والعار، وإن كان الأجدر بهم أن يتأملوا مصير سيّدهم، وماآلت إليه أحواله في حفرة الجرذان، ليبدّل عزّتهم الدنيوية الموهومة بالذلّ والهوان، ثم مصيرهم جهنم والنيران.

يقول الله عزوجل:

{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} آل عمران ١٧٨

وعلى الباغي تدور الدوائر.

 

٥-شعبان المعظم-١٤٤٦هجري

٤-شباط- ٢٠٢٥ميلادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى