سلسلة مقالات غرب اسيا(اليمن)حلقة ٣٩

كنوز ميديا _ متابعة 

أخبار عن هجوم بري أمريكي محتمل في اليمن.. إلى أين تمضي الخطة الأمريكية؟

❖ أخبار عن تصعيد أمريكي في توقيت ملتهب

في تطور يُنذر بتوسّع جديد في خارطة الاشتباك الإقليمي، كشفت شبكة “سي إن إن” عن وجود نقاش داخل الإدارة الأمريكية بشأن تنفيذ عملية برية في اليمن، بدعم بحري أمريكي وآخر بري سعودي.

الهدف المعلن يتمثل في السيطرة على ميناء الحُديدة، الذي تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى رمز ضد الضربات الأمريكية والإسرائيلية، وهو موقع استراتيجي في معركة البحر الأحمر، التي باتت مركز الاشتباك بين اليمن والتحالف الأمريكي الإسرائيلي.

❖ تجارب الماضي لا تزال حيّة

الحديث عن تدخل بري يعيد إلى الأذهان مغامرة التحالف السعودي الإماراتي التي انطلقت عام 2015، بغطاء أمريكي مباشر.

سنوات طويلة من الحرب، ومليارات الدولارات المصروفة، وأسلحة متطورة، واستخبارات دولية، لم تنجح في كسر إرادة اليمنيين.

بل على العكس، ازدهرت قدرات حركة أنصار الله، وتعززت القناعة باستحالة الحسم العسكري في هذا البلد المعقّد جغرافيًا ومجتمعيًا.

❖ الواقع الميداني في اليمن

الواقع الميداني في اليمن لا يُشبه أي ساحة أخرى خاضت فيها واشنطن حروبها السابقة.

التضاريس الجبلية، والعقيدة القتالية العالية، والبنية القبلية المتماسكة، تُشكّل جميعها بيئة طاردة لأي قوة غازية.

كل هذه العوامل تجعل من التدخل الأمريكي المحتمل مغامرة مكلفة، لن تُثمر سوى مزيد من الفشل، كما حصل في بلدان اخرى، ولكن هذه المرة على وقع الهزائم المُتتالية في البحر الأحمر.

❖ أنصار الله.. من الجبال إلى المعادلات الدولية

لم تعد حركة أنصار الله مجرد حركة مسلحة كما كانت تُقدَّم في الإعلام الغربي.

خلال السنوات الماضية، تحوّلت إلى قوة سياسية وعسكرية متكاملة، تُدير مؤسسات وتملك مشروعية شعبية واسعة في الشمال والغرب اليمني.

وتطورها التكنولوجي في مجال الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية جعلها تهدد عمق السعودية والإمارات، بل ومصالح واشنطن وتل أبيب في البحر الأحمر وخارجه.

❖ العملية المحتملة.. رهان محفوف بالخسائر

• أي تدخل بري أمريكي، حتى ولو بدعم سعودي، سيُشكّل مغامرة خاسرة منذ لحظتها الأولى.

الفرضية العسكرية التي تستند إليها واشنطن تقوم على وهم التفوق التقني، لكنها تتجاهل حقيقة أن السلاح وحده لا يحسم معركة، خاصة في بيئة معقّدة كاليمن.

• حركة أنصار الله تمتلك خبرة قتالية طويلة، وقدرة على امتصاص الصدمات، والرد بأساليب غير تقليدية.

• المؤشرات حتى الآن لا توحي بتغيير جذري في سلوك الرياض وأبو ظبي.

دعم بري سعودي محتمل يعني أن السعودية لم تتعلم من دروس الماضي.

وأي تصعيد جديد قد يؤدي إلى تقويض ما تبقى من نفوذها الهش، ويعيدها إلى واجهة المواجهة مع قوة يمنية أكثر تنظيمًا وصلابة من السابق.

• ميناء الحُديدة ليس مجرد هدف عسكري، إذا كانت واشنطن ترى في السيطرة عليه وسيلة لاستعادة هيبتها، فإنها تُغامر في منطقة يملك فيها اليمنيون اليد الطولى بفضل موقعهم الجغرافي وقدراتهم المتنامية.

• تجربة أمريكا في فيتنام، وتكرارها في بلدان أخرى، أثبتت أن منطق القوة لا يمكنه كسر إرادة الشعوب.

• أي هجوم على الحُديدة لن يُقابل برد موضعي، بل سيفتح باب المواجهة على أكثر من جبهة.

فحركة أنصار الله قد تُفعّل أدوات الردع في البحر الأحمر وخارجه، بما فيها استهداف القواعد الأمريكية في الخليج، أو شلّ حركة الملاحة في مضيق باب المندب.

كما أن رد الفعل الشعبي اليمني سيكون جامعًا، ولن يفرّق بين أمريكي وسعودي في ساحة المعركة.

❖ في الحقيقة، ما تفكر به واشنطن ليس أكثر من إعادة إنتاج لخطايا الماضي.

التدخل البري في اليمن سيكلّفها غاليًا، عسكريًا وأخلاقيًا وسياسيًا.

وأي دعم سعودي إماراتي لن يغيّر النتيجة، بل سيُعمّق المأزق.

فالحل في اليمن لا يمر عبر البوارج والمدافع، بل من خلال الاعتراف بإرادة شعبه، والتعامل مع أنصار الله كقوة أمر واقع.

مركز بدر للدراسات الاستراتيجية 

٢٠٢٥/٤/٨

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى