عدنان عبدالله الجنيد… ناطقُ اليمن الثائر، ولسانُ المحور المتقدّم في معركة الكلمة.
بقلم _ نضال عيسى ..نائب رئيس تحرير مجلة كواليس.
من اليمن إلى القدس: الكلمةُ المقاتلة ورايةُ الحرفِ المقاوم في خطّ النارِ والوعي – قراءةٌ في خطابِ عدنان عبدالله الجنيد… صدى اليمنِ في قلب محور المقاومة.
حين تعجزُ البندقيةُ عن الإفصاح، ينهضُ القلمُ، وحين تتلعثمُ الأبواقُ، ينطقُ الحرفُ النقيُّ المقاوم.
ذاك هو عدنان عبدالله الجنيد، كاتبُ اليمنِ المقاوم، وسادنُ الكلمةِ المتوضئة بندى الفكرة القرآنية، والرؤية الثورية العابرة للحدود.
من جبهة الوعي إلى خنادق المواجهة، رسم ملامحَ مشروعه المقاوم، مستلهمًا من السادة العظام – الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، والقائد العَلَم الإلهي السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله)، ومن الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله (سلام الله عليه) – معالم الطريق، ومتسلّحًا بكلماتٍ لا تقل عن الرصاص مضاءً، ولا عن الصواريخِ اختراقًا.
إنه الكاتبُ الذي لا يكتفي بتسجيلِ التاريخ، بل يصوغه، ويبثّ فيه روحًا ثوريةً تنبضُ من اليمن إلى غزة، ومن جبل نقم إلى ساحات القدس، مؤمنًا بأن الكلمة لا تُقالُ عبثًا، بل تُقاتِل، وتُصيب، وتُحرِّر.
عدنان عبدالله الجنيد لم يكن مجرّد كاتبٍ يمني، بل كان سفيرَ الحرفِ المقاوم، الذي حمل قضايا الأمة على عاتقه، وتحوّل إلى لسان حال المظلومين والمجاهدين. في مقابلاته مع قناة المسيرة دعمًا لعملية طوفان الأقصى، قدّم خطابًا يُربك العدوَّ ويُلهمُ الصديق. وكتب في “باب المندب” مقالة ذات بُعدٍ جيواستراتيجي، أوضح فيها دورَ اليمن في قلبِ الممرّاتِ البحرية الدولية، موجّهًا رسائل مباشرةً للغرب بلغةِ التحدّي.
وفي قراءته التحليلية لمقاله “السيد عبدالملك الحوثي قاهر قوى الاستكبار العالمي”، يرسم الجنيدُ صورةً استراتيجيةً للقائد السيد، لا كرمزٍ محلي فحسب، بل كقائدٍ أمميٍّ يتصدّرُ مواجهة الاستكبار، وصوتٍ قرآنيٍّ يتحدّى الهيمنة الأمريكية والصهيونية. يُسلّط الضوء على البُعد السياسي للفكر الحوثي باعتباره امتدادًا حيًّا للمشروع الإلهي في محور المقاومة، ومشروعًا تحرّريًا،ثورياً نهضوياً في وجه الاستكبار العالمي.
عسكريًا، يُبرِز المقالُ حنكةَ السيد عبدالملك في إدارةِ المواجهة مع دول قوى الاستكبار العالمي، وتحويلِ اليمن من ساحةٍ مستهدفة إلى جبهةٍ مهاجمةٍ تقضّ مضاجعَ العدو في عمقه، مؤكدًا أن هذه الإنجازاتِ ليست وليدةَ القوةِ وحدها، بل ثمرةُ عقيدةٍ إيمانيةٍ راسخة، تجعل من المقاومةِ مشروعًا ربّانيًا يحمل البندقيةَ بيد، والقرآنَ باليد الأخرى، وفق قاعدة عين على القرآن وعين على الأحدات.
إنها مقالةٌ تُخلِّدُ قائدًا، وتُحاكي أمة، وتوجّهُ رسالةً مفادها: إن صوتَ المظلومِ إذا اقترنَ بالإيمان،والثقةبالله، يغدو قاهرًا للطغيان.
وفي مقاله الشهير الذي أفقد الإعلام الصهيوني صوابه، والمعنون بـ”ترامب يشتهي التقبّل السياسي من الخلف”، سَخِرَ من غباءِ البيت الأبيض، وهشاشةِ الكيان، ومراهقةِ حلفاء واشنطن، بلغةٍ لا تعرفُ المجاملة، وجرأةٍ تُشبه الصواعق.
كتب في وكالة مهر للأنباء، وفي رأي اليوم، وأمد، وصحيفة المسيرة، ومجلة كواليس، وسائر منابر الفكر الحر، مستلهماً من الفكرَ القرآني للسيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، ويُسقط تعاليم السيد القائد عبدالملك (حفظه الله) على واقع الأمة، ويستنطق فكر السيد الشهيد حسن نصر الله (سلام الله عليه) في خطابٍ ثقافيٍّ يعبر الحدود.
عن قاسم سليماني، كتب الجنيد مقالًا يُذيبُ الحجر، ويُحيي القلوب، ويحوّل الشهيد إلى أيقونةٍ أزلية، وعن السيد حسن نصر الله، صاغ كلماتٍ لا تشبه المديح، بل تُضاهي القسم والعهد.
أما الإمام الخميني، فتناوَل فكره السياسي بروح التلميذِ الملتزم، وعيون الباحث المُبصِر.
وكتب عن القادة الفلسطينيين الشجعان: محمد الضيف، الشبح الذي يقضّ مضاجعَ الاحتلال؛ ويحيى السنوار، رجل الأنفاقِ والميدان؛ وأبو حمزة، الناطقُ الناري لكتائب المقاومة؛ وهشام صفي الدين، حكيمُ الجبهة الثقافية لحزب الله؛ وعلّق على بطولاتهم قائلًا: إنهم يشكّلون مدرسةً للأجيال القادمة في الإرادة والعزة والكرامة.
وفي مقاله “البعبع الذي أرهب العالم”، فَكّك أوهام الهيمنة، وأهان قوى الاستكبار، كاشفًا زيف إعلامهم، مهاجمًا المشروع الأمريكي الصهيوني ببلاغةٍ وجرأةٍ نادرة.
أما في مقاله “سيّد الأفق والعمق: يحيى سريع كابوس البحرية الأمريكية”، فقد صوّر الناطق العسكري اليمني كرمزٍ يتحدّى الهيمنة البحرية الأمريكية، ومرآةٍ لصعود اليمن كقوةٍ تفرض معادلات البحر والسيادة.
وفي مقاله المؤثّر “المبعوث اليمني إلى القضية الفلسطينية”، وصف أثر الصواريخ اليمنية في وجدان فلسطين، وكيف أن اليمني لا يدعم فقط، بل يُقاتل ويُغيّر في الميدان والمعادلة.
وفي تحليله لرسائل “مسيرة يافا”، رأى أنها ليست قافلة رمزية، بل إعلانٌ يمني رسمي أن فلسطينَ في قلب القرار اليمني، وأن شعب الإيمانِ والحكمة صار جنديًا في جيش القدس.
وفي لقاءٍ له على الفضائية الثانية، حلّل خسائرَ العدوان الصهيوني من زاويةِ الإسناد اليمني، معتبرًا أن كلَّ صاروخٍ من اليمن يُربكُ عاصمةً من عواصم العدوان.
وفي مقابلاته مع قناة الغدير، ومهر، والمسيرة، عبّر بفخرٍ عن ارتباط اليمنيين برسول الله (صلى الله عليه وآله)، معتبرًا أن مَن يحبُّ الرسولَ لا بد أن يحملَ رايته، ويقف حيث يقف قادة الأمة، لا حيث يقف المطبعون.
وفي مقاله “مصطلحات الإمام الخميني وأثرها على الشعوب المستضعفة”، قدّم قراءةً ثوريةً للمفاهيم الخمينية: المستضعفون، الشيطان الأكبر، تصدير الثورة؛ مؤكدًا أنها ليست ألفاظًا لغوية، بل مواقفُ ومنارات، منحت الشعوب جسارةَ المواجهة.
وفي مقاله الجريء مجددًا عن ترامب، كشف انحطاطَ السياسة الأمريكية، وتوسّلها القبول من قوى المقاومة، بلغةٍ ناقدةٍ ساخرةٍ وواخزة.
وفي مقاله “يدٌ تحمي ويدٌ تبني” عن الرئيس الشهيد صالح الصماد، رسم الجنيد صورةَ القائد الذي مزج بين الإعمار والمقاومة، وجسّد فلسفة الدولة المقاوِمة في زمن الحصار.
أما مقاله الخالد “شهيد القرآن ووحدة المشروع الإلهي”، فكان مرثيةً فكريةً وثوريةً للإمام الشهيد القائد حسين الحوثي، الذي رآه الجنيدُ بوصلةَ المشروع الإلهي، ومؤسس ثقافة قرآنيةٍ تحولت إلى ثورةٍ ومشروعِ خلاص.
وفي مقاله “سلطان زابن… أبو صقر في مواجهة الحروب الناعمة”، كتب عن القائد الأمني الذي أسقط الشبكات التجسسية، واعتبره حصنَ اليمنِ الداخلي وكابوسَ العدوان في معركة الوعي.
أما مقاله عن عماد مغنية “العماد الذي لا مثيل له في البلاد”، فقد صوّر العماد أسطورةً تتخطى الجغرافيا، وتعلو إلى مرتبةِ الرمز المقاوم العالمي، مؤكدًا أن مدرسته في العمل السري تُدرَّس في دهاليز المقاومة.
وكتب في مقاله “علاقة قرية الصراري بقرية النبي شيث”، عن العلاقة الفكرية بين قرية النبي شيث في لبنان والصراري في اليمن، مؤكدًا أن المشروع الإلهي يجمع بين التربة والنبوة، وأن الصراري تمثّل في اليمن ما تمثله النبي شيث في لبنان: بذور الوعي وبداية الثورة،وغيرها من المقالات.
أما مؤلفاته، فهي: “المسيرة الجهادية لآل الجنيد في مواجهة الاستكبار العالمي وأدواته”، “ثمرة المشروع القرآني”، و”أنشطة الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء الدولي”.
ومن أبرز كتاباته التفاعلية، رسالته التحليلية إلى أبو عبيدة بعنوان “اليمن على العهد يا غزة”، والمنشورة في مجلة كواليس، حيث قدّم تحليلًا عسكريًا أكّد فيه أن اليمن سيكون دومًا سندًا ميدانيًا لفلسطين، معتبرًا أن هذا التحالف لم يعد شعارًا، بل واقعًا معمّدًا بالصواريخ والمواقف.
لقد تجاوز الجنيد حدود المقالة إلى ساحة التأثير، باتت مقالاته تُدرّس في حلقات الوعي، وصوته يخترقُ الحصار، ولم يكن حياديًا، بل في صلب المحور، مؤمنًا أن القلمَ الذي لا ينتمي إلى خطِّ الجبهةِ قلمٌ ميت.
تأثيره الإقليمي يمتد من طهران إلى الضاحية، ومن بيروت إلى النجف، ومن غزة إلى اليمن، لا كمنظّرٍ عادي، بل كواحدٍ من القلائل الذين وحّدوا بين الإيمان والسياسة، الفكر والمعركة، الوعي والنار.
لقد تعلّم من الشهيد القائد حسين الحوثي أن يكون للقرآن موقف، وتعلّم من السيد عبدالملك أن القيادةَ بوصلتُها القدس، وتعلّم من السيد نصر الله أن البلاغةَ منبرٌ للجهاد، لا ترفٌ لغوي.
إن عدنان عبدالله الجنيد يُثبت أن الكلمة، إذا خرجت من قلبٍ مؤمن، تزلزل كيانَ الصهيونية، وتُعيد تشكيلَ وجدانِ الأمة.
خاتمة:
ها هو عدنان عبدالله الجنيد، وقد تجاوز حدود المقالة والخطاب، ليغدو ظاهرةً فكرية، وصوتًا يمنيًّا فريدًا، تتجلّى فيه حكمةُ الأنصار، وشموخُ صعدة، وبصيرةُ تعز، ونورُ الصراري المتّصل بجذور النبي شيث في جبل عامل.
لم يكن قلمُه أداةَ عرض، بل سلاحًا في معركة الوعي، ينحتُ في جدار الصمت، ويشقُّ طريقًا للجيل المقاوم.
لم يحتج إلى منصبٍ ليصنع تأثيرًا، بل اكتفى بالصدقِ والإيمان، ليصبح ملهِمًا في محور يتّسع يومًا بعد يوم، من اليمن إلى غزة، ومن بيروت إلى صنعاء. علاقته بالرموز لم تكن ترفًا فكريًا، بل امتدادًا روحيًا ونضاليًا وثوريًا.
وفي زمن الغزو الثقافي والحرب الناعمة، كتب مقالاتٍ ليست للحبر، بل لميادين العزة، فواجه نفاق المطبعين، وفضح أقنعة الاستكبار، وكرّس معنى الارتباط بالرسالة المحمدية في زمن زيف العناوين.
لم يكن شاهدًا على الأحداث، بل شريكًا في صناعتها، برسائل ومواقف ومؤلفات خُلِّدت في ضمير المحور.
وإذ نكتب عن هذا القلم المقاتل، فإنّنا نُوثّق نبوءَة الكلمة حين تصدق، ونُودّع السطور على عهدٍ أن نواصل الدرب الذي خطّه، وأن نظلّ كما أراد: يمنًا إيمانيًا محمديًا لا ينكسر، مقاومًا لا يُباع، وقنديلًا لا ينطفئ.
فهو صوتُ اليمن، وحبرُ المقاومة، وتوقيعُ محورٍ لا يعرف الهزيمة.
وبكل فخر، نختتم هذا التوثيق التحليلي بتحيةٍ واعتزازٍ لهذا الكاتب الجبّار، الذي يمضي في درب الجهاد بالكلمة، كما يمضي المجاهد في ميدان النار، ونقول له: سر على نهج القادة العظام، سر على خطِّ الإمام الحسين (عليه السلام)، سر على خطِّ الإمام الخميني (قدّس سره)، والشهيد الأقدس السيد نصر الله (رضوان الله عليه)، والقائد السيد عبدالملك (يحفظه الله) – فأنت من القلائل الذين جعلوا من القلم بندقية، ومن الحبر معركة.
دمت للمقاومة شعلةً، وللأمة نبضًا، ولليمن فخرًا.