نُقصفُ ولا ننهار… وسامُ القَصفِ على صدورِنا من أجلِ فلسطين!
بقلم _ أم هاشم الجنيد.
يـا قَسوةَ القُلوبِ!
ويا ظُلمةَ الضَّمائرِ!
أفي القرنِ الحادي والعشرينَ تُستهدفُ الحضاناتُ، وتُقصفُ المدارسُ، وتُهدمُ المساجدُ، وتُبترُ أطرافُ الأطفالِ وهم في سُباتِ أحلامِهم الطاهرةِ؟!
أبهذا تستقيمُ عدالةُ الأرضِ؟!
أم بهذا يُزعمُ أنَّ “الديمقراطيةَ” تُساقُ إلى الشعوبِ قهرًا وقتلًا ودمارًا؟!
يا ويلَ أمريكا!
ويا سوءَ صنيعِها!
أما آنَ لهذا الغرورِ أن ينكسرَ أمامَ حُطامِ ألعابِ الأطفالِ؟
أما آنَ لجبروتِ طائراتِها أن يخجلَ من دماءِ الرُّضعِ المتناثرةِ على جدرانِ المستشفياتِ؟!
استهدافُ الأعيانِ المدنيّةِ: جريمةٌ موصوفةٌ بكلِّ قوانينِ الأرضِ والسّماءِ
لقد أجمعت الشرائعُ السماويةُ، والمواثيقُ الدوليةُ، والقوانينُ الجزائيةُ، أنَّ استهدافَ الأعيانِ المدنيةِ جريمةٌ حربٍ لا تُغتفر، ولا تسقطُ بالتقادمِ.
قال اللهُ تعالى:
﴿وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]،
وقال:
﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ﴿٨﴾ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير: 8-9].
فأيُّ ذنبٍ جناهُ أطفالُ اليمنِ ليُدفنوا تحتَ أنقاضِ بيوتهم، وتحترقَ جلودُهم بصواريخِ “الحريةِ الأمريكيةِ”؟!
وأيُّ قانونٍ يُبيحُ قصفَ المستشفياتِ؟! وأيُّ تشريعٍ يُجيزُ إحراقَ الأسرِ في منازلِها وهم بينَ سُجادةِ صلاةٍ وكسرةِ خبزٍ؟!
إنَّ كلَّ موادّ القانونِ الدوليّ الإنسانيّ، واتفاقياتِ جنيفَ الأربع، تُجرّمُ استهدافَ المدنيينَ والمرافقِ الخدميةِ والطبيةِ والتعليميةِ، وتُصنّفُ ذلك في خانةِ الجرائمِ ضدّ الإنسانيّةِ وجرائمِ الحربِ الكبرى.
وإنَّ المحكمةَ الجنائيّةَ الدوليةَ، وإنِ انحازتْ مرارًا لأربابِ المالِ والسلاحِ، لن تقوى على طمسِ هذه الجرائمِ الموثّقةِ، ولن تمحو من ذاكرةِ التاريخِ جثامينَ الأطفالِ المعلّقةِ على جدرانِ الصمتِ العالميِّ!
وسامُ القصفِ على صدورِنا من أجلِ فلسطين!
وإنَّا واللهِ نَعدُّ هذا القصفَ وسامًا على صدورِنا من أجلِ فلسطين!
ولو أُبيدَ الشعبُ كلُّه، ولم يبقَ إلا قائدُ الثورةِ، فحسبُهُ اللهُ وسبيلُهُ الصدقُ، واللهُ يُعطيه شعبًا، بل مئاتِ الشعوبِ، تملأُ ميادينَ العالمِ من أجلهِ!
يا غزّةُ، نحنُ معكِ… بروحِنا، بدمِنا، بقلوبِنا، وأجسادِنا، وهتافِنا، ووعينا، وجراحِنا… معكِ حتى الرّمقِ الأخيرِ!
ولسوفَ يكونُ هناك آلافُ “ميادينِ السبعينِ” في صنعاءَ وغيرها، يَصدحُ فيها صوتُ الحقِّ:
بالرُّوحِ بالدَّمِ نفديكِ يا غزّةُ!
نحنُ شعبُ الإيمانِ والحكمةِ، الموعودونَ على لسانِ سيّدِ الخلقِ صلّى الله عليهِ وآلهِ وسلّم، بأنَّنا أولُ من يشربُ من حوضِه الشريفِ يومَ القيامةِ!
يا لَها من كرامةٍ!
ويا له من شرفٍ!
وهل اقتربَ هذا المجدُ؟!
نِعْمَ الختامُ: في كِلا الحالَينِ… نحنُ المنتصرون!
وإذا كَتَبَ اللهُ لنا الشهادةَ، فلن تكونَ نهايةً، بل بدايةً لعالمٍ جديدٍ، نرتشفُ فيه من حوضِ رسولِ اللهِ، ونَفوزُ فوزًا عظيمًا!
وستتفجّرُ بعدَها ثورةٌ لا تُقهرُ في وجدانِ الشعوبِ، وتنهضُ أممٌ من بينِ الركامِ تهتفُ بالحريّةِ، وتلعنُ طغيانَ الجبروتِ!
وإذا كَتَبَ اللهُ لنا النصرَ، فسوفَ نجرفُ هذا الاستكبارَ العالميَّ إلى مزبلةِ التاريخِ، ونصنعُ فجرًا لا يُسرَقُ بعدَه!
ففي كِلا الحالَينِ:
نحنُ المنتصرونَ، بوعدِ اللهِ، ويقينِ القرآنِ، وصدقِ الولايةِ.
قال اللهُ تعالى:
﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾
﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾
نُقصفُ نعم… نُحاصرُ نعم… لكنّنا لا ننهارُ، ولا نركعُ، ولا نُهزمُ…
بل نزدادُ صلابةً، ويقينًا، واندفاعًا نحوَ القدسِ… حيثُ الفجرُ المنتظرُ!
بالرُّوحِ بالدَّمِ نفديكِ يا غزّةُ!