رجل الدولة. رجل القبيلة.حكومة البناء الفشل والتنمية الفاشلة.
بقلم _د. نبيل علي علي الهادي
رجل الدولة هو ذلك الشخص الذي يمتلك القدرات السياسية و الفهم الواعي (لوظيفة الدولة) ومن ثم المعرفة الشاملة لكيفية جعل الميكانيكا الوظيفية العامة للدولة تخدم السياسة الثقافية للمجتمع والشعب.
هذا يعني بالضرورة ان رجل الدولة في المسيرة القرآنية هو ذلك الشخص الذي يمتلك القدرة في جعل الميكانيكا السياسية تخدم السياسة العامة للثقافة القرآنية، والتي يؤمن الشعب والمجتمع بأنها تعبر عن اصالته وهويته الإيمانية.
اي ان رجل الدولة يمتلك قدرة سياسية حقيقية للتنمية الثقافية القرآنية.
بينما رجل القبيلة هو شخصية اجتماعية تعبر عن واجهة القبيلة، وعن طبائع القبيلة وثقافتها، لهذا حين يتبنى رجل القبيلة اي قرار فهو يخضعه لمنطق القبيلة وعاداتها وتقاليدها، وآلية تطبيقه ملزمة لجميع افراد القبيلة، لأنه تم وفق التشاور والتباحث الاجتماعي بين جميع افراد القبيلة.
بينما نحن مازلنا في دولتنا اليمنية القائمة لا نستوعب الفرق بين رجل الدولة، ورجل القبيلة، فمازالت القرارات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء تعتبر قرارات قبلية، والسبب لأنها لا تخضع للعمل المؤسسي، ولأصحاب الخبرات والتخصصات العلمية.
فقد تكون قرارات الدولة صائبة لكن آلية إتخاذ القرارات مازالت إلى يومنا هذا بدائية، يجتمع مجموعة من الأفراد في دار الرئاسة، او مجلس الوزراء ويتباحثون في كل المهام والتي اغلبها ليست من اختصاصتهم ويصدرون قرارات لكل مهمة حتى ولو لم تكن من شأنهم.
والمشكلة ان يمن اليوم غير يمن الأمس، يمن اليوم اصبح له ثقل اقليمي وعالمي في السياسات الدولية، لكن للأسف لا نرى اي خطوة سليمة واضحه توحي بأن هناك جدية في بناء دولة المؤسسات، ولا ادري كيف سنستفيد من هزيمتنا لأمريكا وانتصارنا عليها.
هذا يعني ان اليمن سوف يلتف على نفسه لعدم وجود عمل مؤسسي حقيقي.
وما هو قائم في دولتنا اليوم هي اعمال فردية شخصية قد تكون ناجحه وقد تكون فاشلة، بمعنى ان خلف هذه الشخصية امه وشعب تتأثر بهذه الشخصية، فنجاح الامه من نجاح هذا الفرد، وفشل الامه سيكون بفشل هذ الفرد، لهذا نريد ان نخرج من مأزق التفرد بالقرارات السياسية، إلى مؤسسات متخصصة هي من تصنع القرارات السليمة وتتحمل المسؤولية الكاملة.
وما على رجل الدولة الا ان يساهم في بناء هذه المؤسسات ، لا ان ينظر، ويكون على كل شيء قدير، ويجعل المختصيين مجرد ديكور لاجتماعته.
وما يجب علينا ان نأخذه في الإعتبار هو ان يتم صدور القرارات عبر اجهزة مختصة لها برامجها وأهدافها ولها سياستها الثقافية التي تعزز بناء المشروع القرآني المقدس بشكل حكيم.
علينا ان نخرج من دائرة القرارات الارتجالية و التي تستند للفرد بمعنى ان نخرج من القرارات (الترامبية) فقد لاحظنا مؤخراً الرئيس الامريكي حين بدأ يحدد مصلحة الشعب الأمريكي واتخذ قرارات مزاجية، وما قرارات التعرفة الجمركية التي أقرها المجرم ترامب الا في هذا السياق.
وهو من اتخاذ قرار الحرب على اليمن دون الرجوع للمؤسسات المعنية، لأن هذه المؤسسات سوف تقول هذه الحرب ليس فيها جدوى ولا فائدة بناءً على ما تره من ناحية تخصصية علمية، قد يتم الالتفاف عليها، لكن العمل المؤسسي لا يقدم غير الحقيقة، ولو كانت مره.
بمعنى يجب على دولتنا احتواء أصحاب الاختصاص والخبرات، وتفعيلهم بشكل علمي مؤسسي ليساعدوا القائمين على المشروع القرآني في بناء الدولة اليمنية العظمى والتي سوف يكون لها حضور سياسي اقليمي وعالمي ليتوسع المشروع أكبر وأكثر.
إذا لم نسعى في هذا الإتجاه فنحن كدولة يمنية عظيمة قهرت دول العدوان الإسرائيلي والأمريكي سوف ننكمش نحو الداخل مباشرة بعد ان تضع الحرب اوزارها، وسوف ندخل مرحلة صراعات سياسية داخلية.
قد تكون بعض القرارات صائبة، لكن الآلية التي اتخذت بها تلك القرارات غير سليمة.
فدولة المؤسسات تعزز مدامك الدولة العظيمة، والأفراد وصناع القرار اليوم فيها مهمتهم الأولى بناء المؤسسات الخاصة التي تقوم بوظائفها بشكل علمي وعملي من اجل ان تساعد الدولة المشروع القرآني على حماية الهوية الإيمانية، وفق رؤية توحيديه تحتوي الجميع.
ومن المؤكد انه كلما اصدرنا قرارات جمهورية او وزارية سوف ينقسم الناس إلى قسمين مؤيدين ومعارضين، ونحن نريد الجميع يكون مؤيد.
واي فرض لأي قرارات جمهورية او وزارية تستند لقوة السلطة ما هو الا مؤشر سلبي يعبر عن علامة ضعف الدولة سياسياً، حتى ولو كانت تلك قرارات سليمة.
يجب ان نقف على البؤرة التي ترتكز عليها اشكالية الدولة والمجتمع، ونكون صريحين وواضحين من أجل ان ندرك ما ينبغي علينا فعله ان كنا نؤمن بالمشروع القرآني المبارك.
مثلاً ماذا قدمت حكومة البناء والتنمية، منذ تم تعيينها؟ ففي الحقيقة لم تقد هذه الحكومة شيء، وهي الآن تتخبأ خلف الانجازات العسكرية للمجاهدين، لأن من اختارها كان يمثل رجل قبيلة، وليس رجل دولة، وكانت المعايير التي تم إختيار بها الحكومة هي معايير اجتماعية، ولم تكن المعايير علمية او سياسية، فواضح ان المجاملات كانت حاضرة وبقوة في تشكيل الحكومة التي لم تحكم شيء.
لهذا يتحمل المسؤولية في هذه التشكيلة اللجنة التي قررت واختارت حكومة الفشل.
واعتذر لمن في الحكومة ومن اختارها، ولكن ما اريد الذهاب إليه هو الدعوة إلى ضرورة قيام دولة المؤسسات.
لهذا ننصح ونوصي القيادة ان تمضي في تأسيس جهاز الأمن الثقافي القرآني بحيث يمكنها الجهاز من ادارة جميع شؤونها السياسية وفق أعمال مؤسسية سليمة تعمل على احتوء جميع الكوادر والخبرات الوطنية.
فلا يمكن ان يكون لدينا مشروع ثقافي، والجهاز الذي تستند إليه الدولة فكرته سياسية مستنسخة من التجربة المصرية او السورية، فمفهوم (الأمن والمخابرات) هو مفهوم تم استهلكه في كثير من الدول، ونحن اخارها.
ولله عاقبة الأمور
والعاقبة للمتقين