الغارات على سوريا: تل أبيب تؤكد عداءها لكل كيان لا يخدم المشروع الصهيوني
بقلم _ مجتبی نیکیان شفتی
كشفت الغارات الجوية الصهيونية التي استهدفت الأراضي السورية، مساء الأمس، مجددًا عن حقيقة دامغة لطالما تجاهلها البعض في العالم العربي والإسلامي، وهي أن غياب القدرات الدفاعية الرادعة يجعل أي دولة عرضةً لأن تتحول إلى ساحة مفتوحة لانتهاكات القوى الإقليمية والدولية الطامعة.
خلافًا للادعاءات التي تحصر عداء “إسرائيل” بالنظام السوري، تؤكد المعطيات الميدانية أن الهدف الأوسع لهذا الكيان يتمثل في تفكيك البنية الوطنية للدولة السورية برمتها، بغض النظر عن هوية من يتولّى زمام الحكم فيها. فحتى “الجولاني”، الذي تحدثت تقارير عن سعيه لتطبيع العلاقات مع تل أبيب، لم يَسلم من نيران العدوان الصهيوني. وهو ما يؤكد أن المشروع الصهيوني لا يستهدف أشخاصًا أو أنظمة بعينها، بل يستهدف كل من لا يندرج ضمن مشروع “إسرائيل الكبرى”.
إن السياسات العدوانية الأحادية التي ينتهجها الكيان الصهيوني تكشف بوضوح أن ما يُسمّى بـ”إسرائيل الكبرى” ليس من نسج الخيال أو من بنات أفكار نظرية المؤامرة، بل هو استراتيجية مُعلَنة تُشكّل جوهر العقيدة السياسية والأمنية لهذا الكيان. وهي استراتيجية تقوم على تفكيك الدول العربية والإسلامية، وإنهاك مؤسساتها الوطنية، وإنشاء كيانات هشّة تابعة، بهدف تأمين تفوّق صهيوني دائم في قلب المنطقة.
ومن هنا، فإن هذه الاعتداءات المتكررة يجب أن تشكّل جرس إنذار يُوقظ الضمائر الغائبة في العالمين العربي والإسلامي. فالرهان على التهدئة أو وهم التعايش السلمي مع هذا الكيان، لا يُفضي إلا إلى تعاظم سطوته وتغوّله داخل الجغرافيا العربية والإسلامية. ولقد أثبتت التجارب المتراكمة، بما لا يدع مجالًا للشك، أن كل مسار تطبيعي أو تهادني لم يُسفر إلا عن مزيد من التنازلات، فيما يواصل الكيان فرض وقائع جديدة على الأرض بقوة الحديد والنار.
في هذا السياق، تكتسب تجربة حركة “أنصار الله” في اليمن أهمية بالغة، حيث برهنت على جدوى نهج المقاومة النشطة والردع الحازم بوصفهما السبيل الوحيد لكبح جماح التوسّع الصهيوني. وما لم تعتمد بقية الشعوب العربية والإسلامية هذا النهج، فإنها مهددة بأن تلقى المصير ذاته الذي واجهته شعوب سوريا، واليمن، وفلسطين.
إن السكوت عن هذه الاعتداءات، أو التذرّع بالحياد، لا يُوفّر أية ضمانات للأمن أو الاستقرار المستقبلي، بل يفتح الأبواب على مصراعيها أمام استنساخ مشاريع التقسيم والهيمنة الصهيونية في مناطق أخرى من الوطن العربي.
وعليه، فإن الخيار الاستراتيجي الوحيد الذي لا بديل عنه يتمثل في دعم وتحصين محور المقاومة، وتعزيز التكامل بين قوى الأمة الحية، والعمل الجاد والمنسق لإسقاط المشروع الصهيوني في صيغته الاستعمارية الجديدة. فبقاء هذا الكيان الغاصب، بوصفه ورمًا سرطانيًا في الجسد العربي والإسلامي، يعني أن السلام والاستقرار في منطقة غرب آسيا سيظلان حلمًا بعيد المنال.