من البرازيلي للكرونه الحياة قبل 2003

بقلم _ د.أمل الأسدي

في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته كانت الحياة مختلفة تماما عن حياتنا اليوم، فعلی سبيل المثال إذا سأل شخصٌ ما عن بيتٍ معين، يأتيه الرد بـ:
“بهذا الفرع، بصف البيت ابو السيارة!”
فليست كل البيوت تمتلك السيارات كما اليوم، بل البيت الذي لديه سيارة؛ يصبح نقطة دالة!

وحين يلعب الأولاد كرة القدم، تكون الحظوة للولد الذي يمتلك أبوه سيارةً، فهو يلعب مهاجما دائما حتی وإن لم يجد الهجوم؛ وذلك لأنه يعد الأصدقاء بأنه سيطلب من أبيه أن(يفرهم بالسيارة ويرجعهم)!
وفي صباح العيد، يجتمع أطفال المنطقة ليذهبوا الی ساحة الألعاب التي تسمی(الچوبي) وهناك تقف سيارة( بيك اب ) أو غيرها، فيأخذ السائق (درهما أو اثنين) ليركب الأطفال ويأخذهم الی نهاية الشارع ويعيدهم، وهم يصفقون ويغنون له:
ياسايقنا دوس دوس.. حتی تحصلك عروس.

وانتشرت في تلك المدة أغنية ” سايق السيارة” إذ يغني بعض الناس ـ ويردد الأطفال أغنية مي أكرم ووحيد:
يا سايق السيارة.. يا سايق السيارة
حاير حبيبي ينتظر واني عليه محتارة

وكثيرا ما كانت تستفزنا سيارة الجيران الواقفة دائما، إذ يشغّلها صاحبها ويتجول بها قليلا ثم يعود ليركنها ويغطيها!

وحين ظهرت البرازيلي كان الأطفال يغنون دائما:
طلعت سيارة جديدة.. برازيلي
تمشي عل العشرين تطفه برازيلي
يرددون هذه الكلمات وهم يتمنون تلك البرازيلي الحلم علی الرغم من ” حماوتها” التي يُضرب بها المثل، فيقال لمن يغضب: شدعوه تفرفرح مثل البرازيلي؟

أما في نهاية التسعينيات فانتشرت الكرونه(تويوتا كورونا) انتشرت أي ظهرت في الشوراع، ولانقصد أنها أصبحت متاحة للجميع، بل العكس!
إذ سادت ظاهرة تسليب السيارات وقتل السائقين في الطرق الخارجية، وسرقة السيارات من أبواب المنازل، أو سرقة الإطارات!
ولاسيما في بداية الحصار؛ فكل شيء معرض للسرقة، ففي كل يوم ـ تقريبا- تجد شيئا قد اختفی من السطح أو ” الطرمة” فحرامي الملابس الجائع ينتظر حبل الملابس، عسی ان يتركه أهله ليلا ليسرقه ويبيع ماعليه ويشتري بثمنه ما يحتاجه!
أما قناني الغاز فأصبحت عزيزة وغالية، وخصص الناس لها(الزنجيل والقفل) كي يحموها من السرقة، وفي كل الأحوال كان الحرامي لايخرج من البيت بلا سرقة، فأي شيء أمامه يأخذه، مثلا يسرق” طشت، صوندة، سطل، درنفيس…” وحينها كان الناس يستشهدون بالمثل الشعبي القائل”منباش ولابلاش” يستعملونه في توصيف السرقة، والمنباش هو العمود أو السيخ الذي تستعمله الأمهات لنبش الجمر في تنور الطين لتهيج النار!

ومما أتذكره – أيضا- ذات مرة ذهبت مع ابنة جيراننا كي تشتري من الأسواق التي نسميها”الوكالة” فاشترت (قوطية ببسي ونستلة البين) فوقفنا ننتظر لنعبر الشارع، وكان هناك رجل جالس علی الرصيف، ملابسه ممزقة، نحيل، بقي ينظر الی (الببسي والنستلة) فقال: سم ان شاء الله
فعبرنا الشارع بسرعة وركضنا خوفا، ولم أفهم حينها لماذا قال ماقاله!
هكذا كان الزمن الجميل الذي يتغنی به أبناء الرفاق والرفيقات، أبناء الفــرق الحزبــية، فهو جميل بالنسبة إليهم، فالحياة منعمة وخضراء بوجود التقارير وتلفيق التهم وسجن الإبرياء وإعــــدامهم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى