إلى أين تتجه الحرب بعد التصعيد الأمريكي الإسرائيلي في اليمن؟؟؟
بقلم _ د. محمد حسن الرقيمي
في ظل استمرار العدوان الأمريكي والإسرائيلي على اليمن، شنت طائرات التحالف بقيادة أمريكا وإسرائيل، اليوم، سلسلة من الغارات الجوية العنيفة استهدفت مناطق متعددة من محافظات الحديدة وصنعاء. خلفت هذه الهجمات عشرات الشهداء والجرحى، من بينهم أطفال ونساء، إلى جانب تدمير واسع في الممتلكات العامة والبنية التحتية، وخاصة في مناطق سكنية ومرافق حيوية مدنية، في مشهد يعكس حجم الوحشية والإجرام الذي يمارسه التحالف ضد شعب أعزل.
ما جرى اليوم ليس إلا حلقة جديدة من مسلسل إجرامي طويل، تعاني منه اليمن منذ قرابة عقد من الزمن، لكنه في هذه المرحلة يرتبط مباشرة بالدور البطولي الذي تقوم به صنعاء في مواجهة الكيان الصهيوني، نصرةً لغزة وفلسطين. فاليمن، بموقفه الثابت والفاعل، تجاوز مرحلة التضامن اللفظي، إلى الفعل العسكري المباشر، وفرض واقعاً جديداً أربك منظومات الاحتلال وأعوانه.
الغارات الإجرامية التي شُنت اليوم لن تثني اليمن عن مساره. بل إن كل شهيد يسقط في الحديدة أو صنعاء، يزيد من إصرار اليمنيين على الاستمرار في ضرب البارجات الأمريكية ومواقع الاحتلال الإسرائيلي، ويدفع بالمقاومة نحو خطوات أكثر جرأة وقوة. لأن من يقصف اليمن اليوم، يفعل ذلك خوفاً من صواريخه التي تهز مطارات تل أبيب، ومن زخم رسالته التي أعادت للعرب كرامتهم وللقضية الفلسطينية عمقها الحقيقي.
هذه الهجمات ليست دليلاً على قوة المعتدي، بل على ضعفه. فعندما تفشل أمريكا وإسرائيل في إسكات صوت صنعاء، لا تجد أمامها سوى استهداف المدنيين العزّل، ومهاجمة البنى التحتية، في محاولة بائسة لكسر إرادة شعب خاض حرباً على مدى عشر سنوات ولم ينكسر.
إن ما يحدث في غزة من مجازر إبادة جماعية، وما يحدث في اليمن من عدوان ممنهج، يعكس بجلاء وحدة الجبهة التي يخشاها العدو. ولذا فإن الرد اليمني لن يتأخر، وسيكون بمستوى الجريمة، بل أشد. لأن اليمن لا يرى أن العدوان عليه منفصل عما يحدث في غزة، بل جزء من معركة واحدة تتقاسم فيها الشعوب الحرة الألم والأمل والدم والنصر.
الشعب اليمني، الذي يشيّع شهداءه اليوم، لا يبكيهم ضعفًا، بل يودعهم بوعد الانتقام العادل، ويرفع راية الصمود والوفاء لفلسطين. وكما أفشل هذا الشعب كل رهانات الغزاة على مدى السنوات الماضية، فإنه اليوم يؤكد من جديد أن طائرات أمريكا وصواريخ إسرائيل لن توقف عزيمته، ولن ترهبه عن موقفه الأخلاقي والإنساني والسياسي في دعم غزة، وفي مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة.
وختاماً، فإن هذه الدماء الطاهرة التي سالت في الحديدة وصنعاء، لن تكون إلا وقوداً لمعركة التحرر والكرامة. والرد اليمني قادم، قاسٍ، موجع، عابر للبحار، لا يعرف التراجع، ولا تقف أمامه بارجة ولا منظومة دفاع.