اليمن: مقبرة الغزاة ومحرقة الهيمنة الأمريكية

بقلم: أم هاشم الجنيد

 

لم يكن قرار الولايات المتحدة بوقف هجماتها على اليمن نتيجةً لطلب من أنصار الله، كما زعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بل جاء نتيجة لفشل ذريع في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية. فقد تكبدت القوات الأمريكية خسائر فادحة، حيث خرجت ثلاث حاملات طائرات عن الخدمة، وكانت الرابعة على وشك المصير ذاته، دون أن تحقق الهجمات أي نتيجة تُذكر في تحييد قدرات القوات المسلحة اليمنية.

 

لقد أثبتت العمليات اليمنية فشل الولايات المتحدة في استهداف الأعيان المدنية كوسيلة للضغط، حيث ظلت وتيرة العمليات اليمنية تتصاعد في البحر وداخل العمق الإسرائيلي. وكان أبرز هذه العمليات إطلاق صاروخ يمني أرعب منظومة “ثاد” الأمريكية، التي طالما اعتبرتها واشنطن الأكثر تطورًا ولا يمكن لأي هجوم تجاوزها. إلا أن الصاروخ اليمني كشف عن فشل هذه المنظومة، مما أدى إلى سقوط قيمتها وثمنها في الأسواق العالمية، حيث كانت بعض الدول تحلم بالحصول عليها بدفع مليارات الدولارات.

 

هذا الفشل دفع الولايات المتحدة إلى البحث عن مخرج من مأزق اليمن، فاتبعت النهج الذي سلكته السعودية والإمارات بالاستغاثة بسلطنة عمان للتوسط بينها وبين اليمن لوقف التصعيد من الطرفين. وهذه الاستغاثة تعكس حالة الخنوع والفشل التي تعاني منها الولايات المتحدة، فاليمن ليست كأي بلد آخر، بل هي مقبرة الغزاة ونفس الرحمن، وأهلها أولي بأس شديد لا يقهرهم أي غازي أو معتدٍ.

من الجانب الاقتصادي، عندما حصدت أمريكا الخيبة وسقطت هيبتها وتعرضت لخسائر قد تنهك اقتصادها، هرولت نحو طلب خفض التصعيد، وهو أمر حتمي لا تستطيع الفرار منه، لأنها قد تتعرض لخسائر أكبر. أما في الجانب السياسي، فقد حصدت فشلًا ذريعًا عندما فشلت سياستها في ردع اليمن، مما يقود ذلك الفشل في مناطق أخرى من العالم، ويقابله نجاح سياسي لليمن بظهورها كقوة ردع يتحدث عنها كل ساسة العالم.

 

تحاول أمريكا الحفاظ على سمعتها التي سقطت بالفعل، وتحاول إيجاد طرق أخرى لمواصلة الهجمات على اليمن، وستكون داعمة بكل الوسائل، والطريقة هي دعم كيان العدو لشن ضربات باسمه، والحقيقة هي أمريكا، وهذه مقتضيات السياسة. لكن النجاح مستحيل، والقيادة الحكيمة تعرف ذلك، ومهما كانت الهجمات، فقضية غزة ستظل قضية اليمن الأولى، والهجمات اليمنية ستستمر حتى يوقف كيان العدو حرب الإبادة في غزة ويرفع الحصار ويسمح بدخول المساعدات.

 

إن اليمن اليوم لا يدافع عن نفسه فحسب، بل عن كرامة الأمة بأسرها، ويثبت أن الإرادة الحرة لا تُقهر، وأن الشعوب التي تؤمن بحقها في الحياة والحرية لا يمكن أن تُهزم، مهما كانت قوة العدو وجبروته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى