كابوس البحر الأحمر…الإنقاذ والتخلي
بقلم _ غيداء شمسان غوبر
في خضم معركة تتلاطم أمواجها في البحر الأحمر، معركة لم تعلنها الجيوش ببياناتها الرسمية فحسب، بل صاغتها إرادة شعب آمن بقضيته، وربط مصيره بمصير إخوانه في غزة وفلسطين. في هذه الساحة المائية التي تحولت إلى ميدان اختبار للقوى الكبرى، دخل لاعب ظن أنه قادر على تغيير قواعد اللعبة بمجرد إعلانه. دخل ترامب المعركة، لا لأجل مصالح أمريكا المعلنة دائما، بل لهدف صريح لم يخفه: ليحمي السفن الإسرائيلية.
كان الدخول بغطرسة القوي الذي لا يقهر، بمنطق من يملك القوة المطلقة ويملي شروطه على الجميع كان الهدف واضحا: تأمين شريان حياة للكيان الذي بات يعاني من ضربات المقاومة وصمود غزة كان وعدا لإسرائيل بأن الراعي الأكبر لن يتخلى عن قطيعه في لحظة الشدة.
لكن أمواج البحر الأحمر لم تذعن لأوامر واشنطن، ولم تبال بجبروت حاملات الطائرات لقد واجه ترامب إرادة صلبة، ويقينا لا يتزعزع، وقوة لا تقاس بالعدد والعتاد، بل بالإيمان والبصيرة لم تكن الضربات مجرد أفعال عسكرية، بل كانت رسائل مزلزلة تعيد تعريف القوة في هذا العالم كانت تؤلم، وتربك، وتهدد المصالح الأمريكية بشكل مباشر.
لم يمض وقت طويل حتى تبدلت الصورة لم يعد الهدف حماية سفن الآخرين، بل بات الهدف الأسمى هو حماية السفن الأمريكية نفسها خرج ترامب من المعركة، لا منتصرا لأجل إسرائيل، بل مضطرا لصفقة مذلة، صفقة لم تعلن بشكل رسمي كامل، لكن نتائجها كانت أبلغ من أي بيان: وخرج منها بمقابل عدم استهداف السفن الأمريكية.
يا للمفارقة! دخل ليحمي سفن حليفه، فخرج بصفقة لإنقاذ سفنه هو، بشرط واضح: لا تستهدفونا وسنبتعد عنكم وتأكيدا لهذا التراجع، جاء إعلانه الصريح الذي كان كالصاعقة على من راهن عليه: وأكد: لم يعد لنا علاقة بأي شيء آخر. لم يعد يعنينا ما يحدث للسفن الإسرائيلية، لم يعد يعنينا ما يحدث في غزة، لم يعد يعنينا سوى تأمين سفننا ومصالحنا المباشرة.
لهذا، وفي تل أبيب، ارتفعت صرخات الخذلان والمرارة لم يكن الأمر مجرد تحليل سياسي، بل كان شعورا عميقا بالتخلي. لهذا قال الإسرائيلي: ترامب تخلى عنا. الراعي الذي وعد بالحماية، والذي كان ينظر إليه على أنه السند الذي لا يميل، تراجع أمام قوة لم يحسب لها حسابا، وترك قطيعه يواجه مصيره وحده في مياه باتت ملتهبة.
هذا المشهد لم يكن مجرد حدث عسكري عابر في البحر الأحمر إنه درس قاس لمن ظن أن جبروته لا يقهر، وأن مصالحه فوق كل اعتبار، وأن دماء الشعوب لا قيمة لها إنه يثبت أن قوة الإيمان، حين تترجم إلى فعل وموقف، قادرة على تغيير المعادلات، وعلى إجبار الأقوياء على التراجع، وعلى كشف زيف هيبتهم.
وهكذا، في مياه البحر الأحمر، كتب فصل جديد في حكاية الصراع، فصل يبين أن أمريكا أم الإرهاب، وشرعية الغاب التي تمنحها لأدواتها، ليست بالقوة التي تدعيها فصل يثبت أن من دخل لحماية إسرائيل، خرج بصفقة لإنقاذ نفسه، تاركا حليفه يواجه مصيره، فصل يعلن بصوت عال أن وعد الله بالنصر للمؤمنين آت، وأن جبروت الباطل إلى زوال، وأن فلسطين، رغم كل شيء، لن تترك وحدها.
#الحملةالدوليةلفك حصار مطارصنعاء
#اتحاد كاتبات اليمن