بوتقةُ اليمن المقاوم… وعاءٌ أذابَ واشنطن ويطأ عسكريًا على “تل أبيب”

بقلم _ محمود وجيه الدين

عنوانٌ يتمحورُ ما بين هذهِ السطور، يُسلِّط الضوء على ما جرى من الأحداثِ الأخيرة، وما قد آل للوضعِ الراهن بمواقف جارية من واشنطن و“تل أبيب” إزاء القوى الفاعِلة اليمنية مِن بسالةِ قوّتِها العسكريّة ومِن صمودِ شعبِها المقاوم . فاِنطلاقًا من علّةِ وقوع المواجهةِ الساخِنة بينَ الولاياتِ المتحدة وصنعاء. إلى نتيجةِ وقف اطلاقِ النار بينهم التي انعكست سلبيًا عَلى العدوِّ الإسرائيلي. كيف ولماذا رَسمتْ المتغيرات، واقعًا كهذا؟ فأين يتطلّع؟

في هذا المقام، قامت الولاياتِ المتحدة باِستئنافِ حملتها العسكرية على اليمن في 15 مارس/آذار 2025م تحت ظِلالِ إدارةِ ترامب لكن بشكلٍ صارم. ولنكون أكثرَ وضوحًا، لم تكن تجديد هذه الحملة اعتباطًا. كانت لها اهداف، والاهدافُ مُعظمُها فرعيّة على تصريحات الأمريكيين، كان مِن ضمنها: محاولةُ الضغط على الجمهوريّةِ الإسلامية في ايران، والتموضع والرزانة في أيِّ نزاعٍ يحصل مع الصين ضد تايوان أو دونها . هؤلاء أعتقدُ كلّها اهدافًا فرعيّة وليست اساسية . كان الهدف الأساسي هو، وقف عمليات القوات المسلحة اليمنية المساندة لغزَّة . فلماذا؟ أجابَوا حسبَ تصريحاتهم حينذاك: تأمينُ الملاحة لمرور السفن الامريكية.

وعلى هذا الادّعاءِ الذي حمل مغالطة واضحة ناقضها الواقع.. فشنُّوا على اليمن عدوانًا دون أنْ يَجعلوه بصورةٍ مباشرةٍ بانهيارِ اتفاق غزَّة من قبل الإسرائيلي . فهل كان آئنذاك أخطارٌ على السُّفنِ الأمريكيّة في البحر الأحمر، وهي لا زالت لم تعتدِ على اليمن ؟ الاِجابة ، لاتوجد، حسبما التأكيدات اليمنيّة، ودور عملياتها في هجماتها المنحصرة على الإسرائيليِ وملاحتهُ لاغير . فلِمَ تُقحِمُ نصفِ أسطولِ البحريّة الأمريكيّة لأجل غايّة واهية؟. أوليس كان هناك هدفًا وهو حماية الإسرائيلي عبر وقف هجمات القوات اليمنية ؟ .

بناءً على ذلك، فأين قدّ آلَ الوضع بعدَ أقل من شهرينِ متتابعينِ في ظلِّ مايزيد عن ألف غارة شنّها الأمريكيون على مختلفِ المناطق في اليمن خاصَّةً صنعاء وصعدة، بحضور حاملتي طائراتهم الحربية « ترومان» وأيضًا «طومسون» وحضور قاذفاتهم الإستراتيجية من «b-52» و «b-2»، ولاسيِّما وجود مجموعات لطائرات أمريكية من نوع «MQ-9» والتي قد أصبحت محِض بعوضاتٍ يسقطها اليمنيون في أجواءهم. فمجملُ خسائرِ حضورهم هذا كلُّه، هو مليارات الدولارات التي أقرَّوا المسؤولين الأمريكيين والصحفِ بها أمامَ قدرةِ اليمنيين على استنزافِ قُدرتهم وامتصاصِ ضرباتهم واذابة قوّتِهم خلال تلك الأسابيع. ما نتجَ بعدئذٍ لاتفاقٍ، شرطَ مرور السفن الأمريكية وعدمِ استهداف اليمن وثني دور الأمريكي في حمايةِ الإسرائيلي. فهذه كانت النتيجة التي أثارت جدلاً واسعًا، ولطالَما وجدتُها في عددٍ من كلمات المحللّين الأمريكيين قائلين سابقًا بشأن فقط احتمالها: السيناريو الأسوأ في العمليةِ العسكريّة الأمريكية. وذلك لأن الأمريكيون بالبداية عضّوا على حماية “إسرائيل” بالنواجذ، وكانوا يظنُّون باستطاعتهم حسم المعركة لصالحِهم. بالأخير كما يقال: اتسعَ الخرقُ على الراقعِ! .

قرّر ترامب بالاِنسحابِ عسكريًا ولجأ نحو التوقف، وصرف النظر عن هدفهُ الرئيسي، ممّا همَّش “إسرائيل” فيه بل كانت أكبرَ مصدومةٍ حول الاتفاق، تحت عنوان تراهُ لدى الأمريكيين: ” أمريكا أولًا“.. وما يحتوي الشمولية والتعليق على ماجرى هذا من جهةٍ هو ما قاله أحدهم: الدرس الذي تعلّمتهُ المملكة السعوديّة باليمن طيلة عشر سنوات، أخذهُ ترامب في شهرين فقط!

وفي ضوءِ هذه الحقائق لمجريات الأحداث، تنحتُ “إسرائيل”في الصخر نفسه أي على اليمن، ساعيةً إلى وقف هجمات إبَّان وصول الأمر في تطورٍ نوعي لهجوم القوةِ الصاروخيّة اليمنية الموّفقة على مطار اللّد ”بن غوريون “ التي كانت لها تداعيات متغايرة، من ضمنها وقوف إسرائيل منفردةً في وجه اليمن المقاوم العصيُّ على الهزيمة، والمستمرُ في عملياتهِ طالما غزَّة تعاني الحصار والقصف والتجويع.

مُحصِّل الحاصل: خرجتْ الولاياتِ المتحدة من ساحةِ اسنادها المباشر للإسرائيليين أمام مٕناهضينهم، و لا يعني ذلك قد تخلّت عنهم .وإنَّما هم في موقفٍ محرجٍ للغاية، يعيشون المعضلة الحقيقيّة أمام اليمن من عوائقٍ في مواجهتهم إيّاهم: سياسيًا وجغرافيًا واستخبارايًا وغيره.
وتماشيًا مع ما تمّ ذكره،ومستبعدٌ بالكثير لأسبابٍ وعوامل أن يحقق العدو الإسرائيلي نتائجًا غيرَ النتائج التي جنتها الولايات المتحدة الأمريكية في وجه اليمنيين . فما ينبغي الذهاب نحوه، حل المشكلة جذريًا، وليسَ الحلُّ العسكري الذي لا يؤتي أُكُله أبدًا، وهو إبرام اتفاق في غزَّة وفق ضماناتٍ دولية متينة تستلزم العواقب على الإسرائيلي إذا قضّ الاتفاق كما السابق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى