ترامب المازوم يغير حقائق التاريخ
بقلم _ قاسم الغراوي
رئيس مركز انكيدو للدراسات
الشواهد التاريخية لتسمية الخليج بالخليج الفارسي كثيرة وتوجد خرائط مثبتة تاريخيا ودوليا . فماهو البعد السياسي و الجيوستراتيجي لمحاولة ادارة ترامب بتغيير الاسم من الخليج الفارسي الى الخليج العربي ؟
وهل ان تغيير الاسم هو محاولة لتقليص النفوذ الايراني في المنطقة ؟ حيث تعتبر ايران ان الدفاع عن التسمية هي بالحقيقة دفاع عن مكانة ايران الاقليمية باعتبارها قوة اقليمية ..
لماذا هذه السياسة القلقة المستفزة لترامب ؟ هل هي محاولة لطمانة دول الخليج وتشجيعها بغرض الاستثمارات في امريكا ؟
يهـدف اقتراح إدارة ترامب تغيير تسمية “الخليج الفارسي” إلى “الخليج العربي” إلى ما يتجاوز مجرد مسألة لغوية أو خرائطية، ويأتي في سياق حسابات سياسية وجيوستراتيجية واقتصادية متشابكة:
اولا : البُعد التاريخي–الرمزي
1- يُعتبر اسم “الخليج الفارسي” الأكثر انتشارًا في المصادر الغربية والعلمية منذ القرن السادس عشر، وهو مرتبط بهوية إيران التاريخية كإمبراطورية فارس.
2- بالمقابل، تروّج دول عربية مُطلّة على الخليج—لا سيما السعودية والإمارات—لمصطلح “الخليج العربي” منذ عقود، كجزء من بناء سردٍ إقليمي خاصّ بها .
3- تغيير التسمية رسميًا من قبل أقوى دولة في العالم يشكّل رسالة رمزية للمنطقة بأن الولايات المتحدة تتبنى رواية دول الخليج العربية على حساب الرواية الإيرانية،والتاريخية والغربية مع ما يترتّب على ذلك من مساسٍ بهوية إيران الوطنية ودورها التاريخي في المنطقة .
ثانياً: البُعد السياسي: تدوير عجلة التحالفات الإقليمية
1- عبر هذه الخطوة، تعزّز واشنطن من شعورها لدى دول مجلس التعاون الخليجي بأنها شريك مُلتزم بقضاياهم الرمزية والسيادية، بما يوطّد العلاقة الأمنية–السياسية معها في مواجهة إيران. وكان ايران تشكل خطرا على دول الخليج !
2- تكتسب هذه السياسة أهمية خاصة على ضوء ملف النووي الإيراني والتوترات المستمرة في الخليج والبحر العربي، وتشكّل دعامة لخطاب “المحور السني” الذي تقوده السعودية والإمارات بدعم أميركي نيابةً عن مواجهة النفوذ الإيراني .
ثالثاً: البُعد الجيوستراتيجي: ترسيم مناطق النفوذ ومواجهة إيران
1- يعدّ الخليج محركًا أساسيًا للطاقة العالمية؛ فالتحالف مع دول مُصدّرة كبرى يتيح للولايات المتحدة ضمان تدفّق النفط واستقرار أسواقه، وفي الوقت نفسه محاصرة القدرات البحرية الإيرانية في مضيق هرمز.
2- تغيير التسمية إداريًا يمنح واشنطن غطاءً لتكثيف الوجود العسكري في قواعد الخليج، ويمثّل جزءًا من استراتيجية “احتواء إيران” التي ما فتئت تتبنّاها سياسات العقوبات والاتفاقات الأمنية المتعاقبة .
رابعاً: البُعد الاقتصادي: جذب الاستثمارات الخليجية وتعزيز “أمريكا أولًا”
1- في عهد ترامب برزت سياسة “تدوير” الخلل التجاري عبر إطلاق تحفيزات للفِرقات الخليجية لاستثمار جزء من فوائض السيولة الضخمة في الولايات المتحدة، لا سيما في البنى التحتية والتكنولوجيا والصناعات الدفاعية
2- خطوة إعادة تسمية الخليج تشكّل جزءًَا من خطاب “الهوية الوطنية” لترامب (كما فعل سابقًا بإعادة تسمية “خليج المكسيك” إلى “خليج أمريكا”)، وتُروّج لبيئة استثمارية يبدو أنها مُفضّلة أمام الرأسمال الخليجي، مع وعودٍ بسيطة بتيسير الصفقات وتقليص القيود التنظيمية .
المسعى لتغيير تسمية الخليج يعكس أكثر من نزاع لفظي؛ إنه مؤشر على عمق التنافس الإقليمي ومحاولة أميركية لإعادة رسم خريطة التحالفات والجغرافيا السياسية وفق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، حتى لو أثار ذلك سخط طهران وخوفها من خفض هيبتها الإقليمية.
من المتوقع أن تعلن إيران عن غضبها على استخدام الرئيس ترامب عبارة الخليج العربي، لكنها لن تغامر بقطع المفاوضات مع إدارته. اما على مستوى البعد السياسي و الجيوستراتيجي وفق ايران فهو محاولة لتقليص نفوذها في المنطقة و تعتبر ان الدفاع عن التسمية هي بالحقيقة دفاع عن مكانة ايران الاقليمية باعتبارها قوة اقليمية ..
9/5/2025
https://t.me/+dshAlnqux-llYjUy