التحديث والاقتراع: سلاح الوعي في معركة البقاء

بقلم _ علي جاسب الموسوي

في الزمن الذي تتكالب فيه المشاريع الدولية والإقليمية على مصير الشيعة في العراق والمنطقة، وتُشنّ فيه الحروب النفسية والإعلامية والاقتصادية على بيئتنا العقائدية والثقافية، تصبح المشاركة في الانتخابات – وفي مقدمتها التحديث البايومتري – واجباً شرعياً وعقائدياً ووطنياً لا يقلّ شأناً عن الجهاد في ساحات القتال.

ليس التحديث إجراءً إدارياً عابراً، بل هو تحصين للصوت الشيعي المقاوم من التزوير والمصادرة، وهو البوابة الأهم للدفاع عن قرارنا السياسي المستقل، وصوتنا الهويّاتي في وجه من يريدنا أرقاماً خاملة في معادلة مرسومة في السفارات أو على طاولة المشاريع الدولية.

وقد أكدت المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله)، في بياناتها المتعددة وخطبها المتكررة، على أهمية التحديث والمشاركة في الانتخابات، واعتبرتها الوسيلة الأهم لبناء الدولة، ومحطةً مفصليةً في صناعة التغيير، وحماية الوطن من الانهيار والانحراف، والقضاء على الفاسدين عبر صناديق الاقتراع، واختيار الأصلح والأكفأ.

إنها دعوة صريحة من المرجعية الرشيدة: ألا يُترك الوطن لأهواء الطامعين، وألا تُهدر تضحيات الشهداء بسبب التردد أو الغفلة أو اليأس.

لقد أثبتت التجارب أن عزوف جمهور المقاومة عن الاقتراع يعني تسليم القرار للخصوم، وتمكين أدوات الاحتلال الناعم، وتسلل المطبعين والفاسدين إلى مفاصل الدولة، وإقصاء المشروع الرسالي من دوائر التأثير.
وهل بعد تهديد الهوية عقوبة؟ وهل بعد تغييب الصوت الشريف خيانةٌ للدماء الطاهرة التي رسمت لنا طريق الكرامة في جرف النصر، وسنجار، وساحة الطف المقاوم في نينوى والأنبار وحزام بغداد؟

يا أبناء مدرسة علي والحسين (عليهما السلام)، يا حملة الرسالة، إنّ مشاركتكم في التحديث والانتخابات القادمة ليست مجرد ممارسة ديمقراطية، بل هي طريق لإزاحة الفاسد، واستبداله بالصالح الناجح، ووفاءٌ للشهداء، ورفضٌ للخذلان والهزيمة النفسية.
إنّ المقاطعة خنجر في خاصرة التشيّع السياسي، وتفريطٌ في الكيان الشعبي الذي حماه المجاهدون بصدورهم، ويحميه اليوم الوعي والبصيرة والموقف.

المرحلة القادمة دقيقة، والعالم يُعاد تشكيله، والخرائط السياسية تُرسم بمداد الأصوات.
فلا تسمحوا لأحد أن يرسم مستقبلكم نيابة عنكم.
التحديث هو أول الطريق، والاقتراع هو البيان الأول لصوت الأمة.
https://t.me/alichasib4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى