الدكتورة أمل الأسدي وكشف خدع الإبراهيمية

🔴الحلقة السادسة: الإبراهيمية وخدعة التشكيك في العلماء والمراجع

بقلم _ المفكر الجزائري أ.د. نور الدين أبو لحية

وهي من أخطر الخدع، ذلك أن العلماء الربانيين والمراجع الصادقين هم الذين يعرفون بحقائق الدين؛ فإذا ما تم استبدالهم بالجهلة، حصل ما أخبر عنه رسول الله (صلی الله عليه وآله) بقوله: (لا يُقبض العلم انتزاعاً من الناس، ولكنّه يُقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً، استفتوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا)([1])
ولهذا نرى الجهات المختلفة ابتداء من دور النشر، وانتهاء بكل وسائل الإعلام، تشجع كل من يمارس هذا الدور الخطير، ليضع هؤلاء المخادعون بدلهم من شاءوا من المراجع، ولا حرج عليهم ألا ينطلقوا من حقائق ثابتة، أو من معايير دقيقة يتحاكمون إليها، لأن الهدف هو تحقيق الخدعة، لا الوصول إلى أي نتيجة، والهدف هو الهدم، حتى لولم يقم بعد ذلك الهدم أي بناء، ولهذا نراهم يشجعون [النقد لأجل النقد]، أو [الرفض لأجل الرفض]، فهم يرفضون كل شيء، ويتمردون على كل شيء، حتى لو دلت كل الأدلة عليه، فإذا ما ناقشتهم لم تجد الجهة التي تناقشهم من خلالها، لأنه ليس لديهم معايير ثابتة، ولا مصادر محددة مضبوطة، ولذلك فإن النقاش معهم جدل، والحديث معهم لغو.
وفي الحقيقة، فإن هؤلاء لا يكتفون بإسقاطهم للمراجع والعلماء الربانيين، أو السخرية منهم، بل نراهم يضيفون إلى ذلك التهافت على غيرهم، بل حتى على الملاحدة منهم.. فيلعنون المؤمنين، ويسخرون منهم.. وفي الوقت نفسه يترحمون على غيرهم ممن لم يؤمن بالله.. بل ممن عاش حياته كلها محذرا من الله.. ومضللا الخلق عنه وعن سبيله.
ومن الأمثلة على ذلك تلك الصلوات والأدعية الكثيرة التي أقيمت على أكبر دعاة الإلحاد في العصر الحديث.. بل أكبر فيزيائي في التاريخ حاول أن يستثمر تخصصه في الدعوة للإلحاد، وهو [ستيفن هوكينغ] والذي لا يختلف عن كل الفيزيائيين قديما أو حديثا في مجال تخصصه، بل إن من الفيزيائيين المعاصرين من هم أكثر منه علما، ومع ذلك لا يسمع بهم أحد، لسبب بسيط، وهو أنهم لم يصرحوا بإلحادهم، أو لم يقوموا بالدعوة إليه، ولو فعلوا لاستقبلهم هؤلاء التنويريون بالأحضان.

ومثل ذلك قول آخر عن بعض المخترعين: (رحم الله [ويليس هافيلاند كارير]، وغفر له وجزاه خير الجزاء، هذا الرجل العبقري الذي اخترع لنا المكيف الهوائي، الذي نستعمله ونستمتع به أيما استمتاع في بيوتنا وسياراتنا الفاخرة في حر الصيف، كما يستمتع به حجيجنا الميامين في حجهم، ولولاه لأصبح ذلك الحج جحيما لا يطاق.. وأنا أنصح كل من يحتج على هذا الترحم على هذا الرجل المخترع الكببر، أن يستحي من نفسه ويتوقف على الفور على استعمال المكيف الهوائي بكل أنواعه، في منزله وسيارته، وأن يقدم اعتذار عن كل لحظة قضاها بجانب المكيف في كل مكان)
ولست أدري ما علاقة استعمال المكيف الكهربائي بالدعوة لصاحبه بالرحمة، أو بضمان الجنة.. فالله تعالى وضع لرحمته وللجنة شروطا، وهو صاحب كليهما، والأدب مع الله يقتضي احترام مراد الله.. فالله تعالى حصر الفلاح فيمن توفر فيه تلك الشروط، فكيف نعقب على الله، ونتدخل فيما لا حق لنا في التدخل فيه، والمشكلة ليست في الدعاء، وإنما في التهوين من أمر الإيمان بالله والقيم الدينية، حيث يصبح المعيار هو خدمة البشر خدمة مادية، لا تحقيق أمر الله بالالتزام بدينه.. وهذا معيار خطير جدا، ومخالف لكل الأديان، وأولها الإسلام.
وقد ركزت الدكتورة أمل في كتابها علی هولاء المزيِّفين المدلسين الذين يستوردون الفضلات الفكرية الغربية ويزجونها في الواقع الفكري الإسلامي، ليضللوا بها الشباب، ويحرضوهم علی الإسلام، وقد أحسنت الدكتورة حين طرحت هذه الأسئلة قائلة: من حكم العالم خلال القرن الماضي؟ ومن تسبب بالحروب والسيطرة علی مقدرات البلدان وثرواتها المادية والبشرية؟ ومن سيحاسب هذه الأنظمة؟ ومن سيحاسب من حاول ومازال يحاول استيرادها لتغريب الإنسان المشرقي، وتغريب المرأة العربية والمسلمة؟
وماذا يريدون بعد ما وصل إليه العالم من مادية بحتة قائمة علی استغلال البشر واستعبادهم لخدمة الماكنة الرأسمالية؟ وهل الدين الإسلامي ـ اليوم ـ هو من يقود هذه الحروب علی الشعوب؟ وهل الدين الإسلامي من جعل المرأة سلعة رخيصة في شركات التسويق والدعايات الكبری والأفلام الإبــاحية أو الأنظمة التي تنادي بالعلمانية والتي تحكم العالم؟ هل الإسلام يمتلك شركات التجميل العالمية وموادها؟ هل الإسلام يمتلك شركات الاتجار بالبشر(العمالة)؟
هل الإسلام يمتلك شبكة الانترنت العالمية والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تسيّر الحياة وفق خطط معينة؟
لماذا تحاول هذه الأنظمة أن تفرض رؤاها ومناهجها علی الشعوب الأخری؟ لماذا تسعی إلی تفكيك الكتل البشرية الشرقية المتراصة بدءا من الأسرة وصعودا الی المجتمع كله؟ ولماذا يصر بعض المثقفين علی استيراد نظريات ومناهج أثبتت فشلها حتی في واقعها الذي نشأت فيه؟(٢)
إن الوقوف عند هذه الأسئلة، وتتبع إجابتها يكشف بوضوح عن الخدع التي تزجها المؤسسات الغربية من أجل التشكيك بالعلماء والمفكرين وإبعاد الشباب عنهم وإبعاد الناس جميعا عنهم، وحثهم علی البحث عن بدائل غربية تتمثل بشخوص ( موظفين ) يتم دعمهم إعلاميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبرامح والفضائيات والندوات والاستكتاب والمسابقات ونيل الجوائز العالمية، أوتكون هذه البدائل أنظمة تكنولوجية متطورة، تتم الدعوة إليها، والتأسيس علی الإدمان عليها منذ الطفولة، وذلك عبر تقسيم الأجيال الی مراحل ليصلوا بالمحصلة إلی أجيال تدين بالولاء المطلق للتكنولوجيا(٢).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى