إلى أيقونة فلسطين نيافة المطران عطا الله حنا

بقلم _هيام وهبي

ياسيدي الجليل ..يا ساكن القدس التي سكنت قلبك ووجدانك ، فكنت حارسها ووجعها.. دمعها وأهاتها .. أنين أهلها وحامي مقدساتها..
أيها السائر على درب الجلجلة الموجع ..على خطى من لبستك روحه وقيَمه ومقاومته للطغيان .. على هدى السيد المسيح عليه السلام .. آمِلاً بخلاص شعب تعِب من الإحتلال ومن القهر والمذابح والموت ..شعب أنت وحدك صوته الرافض للظلم، المطالب بالحق والعدل والإنصاف له ولفلسطين ..
فلسطين هذا الجرح المفتوح منذ أكثر من سبعة عقود ولا من يوقف نزفه ..فلسطين التي يستعيد شعبها اليوم ذكرى ضياعها وتاريخ احتلالها في ذاك العام المشؤوم 1948 وهو ليس برقم بل هو حكاية شعب ..حكاية إغتصاب وطن ونزوح واستشهاد .. تهجير ومنافي.. وإيمان بالحق ومقاومة حتى النصر ..
وهذه الذكرى تتزامن هذا العام مع نكبة مُضافة أو بالأحرى أُم النكبات.. ضياع سورية على أيدي ملوك وأمراء العرب .. وهكذا ستكبر أحزاننا، وتنمو مناسباتنا الأليمة، وتزخر (روزنامتنا) بذكرى ضياع الدول العربية الواحدة تلو الأُخرى ..

أيها القديس البهي ..
يا سيزيف هذا العصر الذي لا يتعب من شرف المحاولة ..رسالتك صرخة حق في وجه باطلٍ عمّ وساد .. رسالتك التي انسابت كلماتها إلى قلوبنا قبل آذاننا مفعمة بالألم والعتب والإحساس بالخذلان من ذوي القربى .. كلماتك صرخة لإيقاظ أُمّة مستغرقة في سباتها ..لا تعي الخطر الذي يتهدد وجودها وثقافتها، تاريخها.. وحاضرها ومستقبلها ..!!! أمّة كانت تقول لا اله إلّا الله ، وحكامها الآن يقولون لا إله إلًا ترامب ..
فيا وجه الخير ، أوتنتظر الخير من هؤلاء السلاطين ..؟؟؟وأن يطالبوا بوقف الإبادة وحق غزّة بالحياة ..!!

حين كان إلههم الإمريكي يسطو على أموالهم ، ويبارك عارهم ويسخر منهم .. كانت إسر ائيل تقصف المستشفى الأوروبي بأحدث القنابل الصاروخية الأميركية الفتاكة وترتكب مجازرها الوحشية ..وبعض العرب لم يكتفوا بخذلان غزة والصمت على تجويعها وحصارها وإبادتها بل قاموا بتمويل محرقتها وأنفقوا مال العرب لذبحها.. وها هم اليوم يحتفلون برفع العقوبات عن سورية التي تمّ اقتسامها وتوزيعها بإنصاف بين الشركاء والعرب يهللون ويرقصون للخسارة فرحين بما آتاهم ترامب من فضله ،يتنافسون على إغراق ترامب بحبِّهم (وتريليوناتهم) وشعب غزّة يحتضر من جوعٍ وحصار .. وحكامنا يحتفلون بكل هذه الخسارات ..
فنحن شعب الخسارات المتوارثة ودائماً نُباع .. يبيعنا حكّامنا في سوق النخاسة ..
فعذراً يا سيد الناس ..وسامحينا يا غزة..
موتك لا يزعج العربان .. لقد أعتدنا تضييع الأوطان ..فمنذ سقوط الأندلس.. سقط العرب.. وغادروها وهم يحملون مفاتيح بيوتهم لأن أمراء الطوائف وسلاطين الإسلام في ذاك الزمن وعدوهم بعودةٍ قريبة ..ومن ذلك التاريخ والخسارات تتوالى .. سُلخ لواء اسكندرون العربي وتعرّض شعبه العربي للتتريك .. واحتُلّت فلسطين وذُبح شعبها بمجازر ما زالت مستمرة حتى اليوم .. وضاعت فلسطين
ما بين نفاق العرب وتخاذلهم..وما بين تآمرهم ووعودهم المخادعة بالتحرير والدفاع عن المقدسات فأبيد من أُبيد بمجازرٍ وحشية أمام أعين العرب ومن بقي ترحّل الى المنافي وذاق مرارة الذل والنزوح، والفقر والبعد عن الوطن، ولم يحملوا معهم سوى مفتاح دار محتلّة ووعد عربي بعودةٍ قريبة… وها نحن نشهد اكبر خسارة للعرب.. السقوط المدوِّي لسورية العروبة.. وبيعها للأمريكي والص هيوني والتركي والتكفيري..وإدخالها في الزمن الإسرا ئيلي وإتفاقية إبراهام وتحييدها عن الصراع العربي
الإسر ائيلي، وقد حذّرنا شهيدنا الأسمى السيد حسن نصرالله لروحه السلام من هذا اليوم بقوله ، إذا سقطت سوريا في يد الأمريكي والإسرا ئيلي والتكفيري، وأدوات أميركا في المنطقة الذين يسمٌون أنفسهم دولا إقليمية، ستُحاصر المقاومة وسوف تدخل اسرا ئيل إلى لبنان، لتفرض شروطها عليه وسيعاد إدخال لبنان إلى العصر الاسرا ئيلي، إذا سقطت سوريا ضاعت فلسطين وضاعت المقاومة في فلسطين وضاعت غزة والضفة الغربية والقدس الشريف. إذا سقطت سوريا في يد أميركا و”اسرا ئيل” والتكفيريين، فإن شعوب منطقتنا ودول منطقتنا مقبلة على عصر
قاس ٍ وسيء ومظلم.
وها نحن قد وصلنا الى هذا اليوم بفضل حكامنا العرب الذين سيلعنهم التاريخ على ظلمهم وطغيانهم وهدرهم لمال الأٌمّة وتآمرهم على إبادة غزة وتدميرهم لسورية ..
فيا سيد الأحزان الكبرى رغم المشهد القاتم ، يبقى الأمل في المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني ، وفي يمن الكرامة والعزّة وصواريخه المباركة..فهو وحده من تحدّى جبروت ترامب وأدّب ناتن ياهو .. وقال لا للظلم ..
ويا أيقونة فلسطين لك منا كل تحيّات الإجلال والإكبار ..ولأرض فلسطين السلام ..
وهذا الظلم لن يطول ..
فآخر الليل نهار ..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى