قمة بغداد 2025… وذاكرة القمم الثلاثة التي أوجعتنا

بقلم _ ضياء أبو معارج الدراجي

تمضي قمة العرب في بغداد هذا اليوم بخطى واثقة، تنبض بها شوارع العاصمة النابضة بالحياة، وتشهد على عراقٍ ينهض رغم الجراح، يقود الجلسة بعقل بارد وقلب ساخن، وقامة شامخة بين الملوك والرؤساء. فأن يكون رئيس القمة عراقياً لا ينتمي للقومية العربية، فهذه رسالة بحد ذاتها: نحن بلدٌ يتجاوز العرق والطائفة والقومية، ويفتح ذراعيه للإنسانية أولًا، وللأمة العربية التي نحن منها رغم ما عانيناه منها ثانيًا.

لحظة الافتتاح كانت دالة… حين ارتفع صوت القارئ عامر الكاظمي يتلو آيات الذكر الحكيم، ليختمها بـ”صدق الله العلي العظيم”، إشارة لا تخطئها عين، أن العراق الرسمي والشعبي متمسك بمذهبه الجعفري وبمرجعيته ومبادئه، ولا يخجل من ذلك، بل يعلنه على رؤوس الأشهاد. فهذه بغداد يا سادة، وهذه القامة التي لا تنحني ولا تتزلف لأحد.

جاءت كلمات الزعماء والبيانات الصادرة حتى الآن لتصب في صالح الشعب الفلسطيني الجريح، وهي مواقف مشجعة، بل مفرحة لمن بقي فيه قلب ينبض بالعروبة والإنسانية. لكننا نقولها، ونصرخ بها: كفى أقوالًا… نريد أفعالًا. فالشعب الفلسطيني يُباد في وضح النهار، يُقتل، يُجوع، يُحاصر، وتُسرق أرضه ويُدفع دفعًا نحو التهجير القسري إلى مصر والعراق والأردن، في مخطط خبيث لتفريغ الأرض من أهلها.

نعم، نحن اليوم راضون عن القمة – حتى هذه اللحظة – وننتظر بيانها الختامي. ولكن، ما أشبه الليلة بالبارحة! فالتاريخ لا يرحم، وذاكرة العراق لا تنسى.
قمة 1978 في بغداد كانت ضد صلح السادات مع إسرائيل، فكانت النتيجة انقلابًا داخليًا عراقيا، وصعود صدام المجرم إلى السلطة، ثم إشعال فتيل الحرب مع إيران عام 1979.

قمة 1990 التي دعمت فلسطين، أعقبتها كارثة: احتلال الكويت، ثم حصار اقتصادي خانق أنهك العراق، فقصفٌ دمر كل ما بُني من 1920 حتى 1991، في أبشع عملية انتقام جماعي لشعبٍ بأكمله.

قمة 2012 ناقشت الشأن السوري، فخرج العراق منها بفتنة داخلية، وتظاهرات طائفية، ثم تسونامي إرهابي على يد داعش دمّر المدن وخطف الأرواح وأشعل الحرائق في قلب الوطن.

واليوم… قمة بغداد 2025 تناقش فلسطين مجددًا، وتدين الاحتلال الإسرائيلي، وتفتح النار على آلة القتل الصهيونية…
وها نحن نحبس الأنفاس: ما هو الثمن القادم الذي سيدفعه العراق؟!
ما هو المخطط العالمي الخفي الذي سيخرج من تحت الطاولة ويضرب خاصرة الوطن من جديد؟
نقولها بصدق، ونصرخ بها من بغداد إلى أقصى أطراف الوطن العربي:
اللهم استر العراق… فكلما وقف مع الحق، دفع ثمنًا باهظًا من دمه واستقراره وأهله.

العراق بلد لا يُكافأ، بل يُعاقب كلما صدح بالحقيقة.

فيا قادة العرب… إن كنتم صادقين، فاجعلوا من قمة بغداد بداية فعل، لا نهاية كلام.
ويا أبناء العراق… استعدوا، فالتاريخ لا يرحم، والغدر لا ينام.

ضياء ابو معارج الدراجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى