سلسلة مقالات غرب اسيا (اليمن)

حلقة ٥٣

كنوز ميديا _ متابعة 

من صنعاء إلى غزة: جبهة نار تُربك الحسابات الإسرائيلية بعد عام ونصف من الصمود

❖ صمود استثنائي.. اليمن في قلب المعركة
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة قبل أكثر من سنة ونصف، لم تغب صنعاء عن مشهد المواجهة.
بل تصدرت الجبهة اليمنية موقعها كخط إسناد استراتيجي صلب، تحوّل من دعم معنوي إلى قوة فعلية مؤثرة في معادلات الردع الإقليمي.
وقد أكدت قيادة صنعاء، بوضوح لا لبس فيه، أن العمليات العسكرية اليمنية ستستمر ما دام العدوان على غزة قائمًا، في موقف يتجاوز الخطاب السياسي التقليدي نحو التزام عملياتي ميداني حقيقي.
❖ تحول نوعي في قواعد الاشتباك.. ضربات مؤثرة للمواقع الحيوية
التطور اللافت في القدرات العسكرية اليمنية بلغ ذروته مع الضربة الباليستية الفرط صوتية على مطار بن غوريون، والتي أدت إلى شلل لحركة الملاحة الجوية، وأجبرت آلاف المستوطنين على النزول إلى الملاجئ.
لم يكن هذا الهجوم حادثًا منفصلًا، بل محطة فاصلة في اشتباك تتسع حدوده، ويُعاد فيه رسم ميزان القوة.
فشل الدفاعات الإسرائيلية المتطورة — بما في ذلك “القبة الحديدية”، “حيتس”، و”ثاد” — أمام الصاروخ اليمني، مثّل صدمة استراتيجية لكيان طالما روّج لمناعته الجوية.
❖ الرد الإسرائيلي.. بين العجز الميداني والاستهداف العشوائي
في محاولة لامتصاص آثار الضربة، شنّت إسرائيل سلسلة غارات عنيفة استهدفت مواقع مدنية وصناعية في محافظتي الحديدة وحجة.
وقد أُعيد استهداف موانئ سبق أن ضُربت مرارًا، ما يعكس حالة من العجز في بنك الأهداف وضعف في القدرة على التأثير العملياتي.
هذه الردود لم تحقق أي مكاسب عسكرية واضحة، بل عمقت الشعور الإسرائيلي بفقدان السيطرة على جبهة تقع خارج حساباته التقليدية.
❖ اليمن فاعل إقليمي مهم
باتت الجبهة اليمنية عنصرًا مركزيًا في مشهد الردع الإقليمي، حيث لم تعد المواجهة تنحصر في الحدود الجغرافية لغزة، بل امتدت إلى عمق الكيان الإسرائيلي. إعلان صنعاء عن “حصار جوي وبحري فعلي” على الكيان، يمثّل تحولًا نوعيًا في أسلوب الاشتباك، ويضع إسرائيل أمام معضلة استراتيجية معقّدة: فالصمت يُفسر على أنه ضعف، والرد العسكري قد يفتح تصعيد أكبر.
❖ تماسك داخلي ودعم شعبي واسع
ما يميز هذه الجبهة هو التلاحم الشعبي والرسمي غير المسبوق في اليمن. تظاهرات مليونية جابت شوارع صنعاء وعدة محافظات، رافعة شعار “مع غزة.. لمواجهة الإبادة”، ومعلنة استعدادًا عامًا للمعركة، بما يعزز من زخم القرار السياسي ويمنح الغطاء الشعبي لاستمرار العمليات العسكرية النوعية.
➢ ملامح المعادلة الجديدة في المواجهة اليمنية–الصهيونية
• قواعد اشتباك جديدة: اليمن انتقل إلى الفعل العسكري المباشر، ما وضع الكيان الإسرائيلي أمام تهديد لم يعهده من الجبهة الجنوبية.
• خلل في الردع الإسرائيلي: فشل تل أبيب في اعتراض الصواريخ اليمنية أو منعها يُظهر تراجعًا نوعيًا في منظومتها الدفاعية، رغم تفوقها التقني المفترض.

➢ احتمالات التصعيد:
• استمرار الهجمات اليمنية مع تطور تقني وتصعيد محسوب.
• ردود إسرائيلية موسعة، لكنها قد تكون مكلفة ومحدودة الفعالية.
• مساعٍ دولية لاحتواء التصعيد دون المساس بالموقف اليمني الحازم.
➢ عواقب استراتيجية طويلة المدى:
• تقويض الهيبة الإسرائيلية إقليميًا.
• تعميم معادلة “الأمن مقابل الأمن” كأساس جديد للاشتباك.

➢ تنبؤ مستقبلي:
– مرجّح أن تصبح الجبهة اليمنية لاعبًا رئيسيًا في فرض وقف إطلاق نار محتمل بغزة، في ظل استمرار الضغط الصاروخي واتساع التأييد الشعبي والسياسي لدورها.

مركز بدر للدراسات الاستراتيجية
٢٠٢٥/٥/١٧

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى