بغداد لم تعد نائمة ياعواطف!
بقلم _ د.أمل الأسدي
حين صعدت “عواطف الحمداني” إلى الصندوق الحديدي تلتها فاطمة الحسيني وبعدها أمل الربيعي… أغلق الجلاد الباب بعنف وقسوة!
ثمة نافذة زجاجية صغيرة مشبكة بقضبان أفقية، مساحتها عشرون في عشرين سنتمترا..
السيارة تنطلق في طريق ملتوية من شرق بغداد إلى غربها .. إلى سجن ” أبو غريب ”
قطرات المطر تنزلق فوق زجاج النافذة الصغيرة، وعينا عواطف تطلان على الفضاء.. عيناها النجلاوان تودعان بغداد.. بغداد ما تزال نائمة في أحضان الكرى، في ذلك الصباح الحزين.. دوت أصداء رعود في الأفق المدلهم البعيد.. آه لبغداد التي لا تثور!!(١)
نعم، كانت بغداد مكبلةً، سجينة، كانت محكومةً بالسكون القاتل! كانت شاحبةً، أتعبها وداع الوجوه التي تحبها، وكأن الفراق هويتها أو تقويمها، منذ زمنٍ بعيدٍ وقدرها الكتمان، منذ الجنازة التي ألقوا بها علی الجسر، ومنذ هرولة الناس وضجيجهم وحزنهم علی سيد بغداد!
ومع مجيء العـصابة البعثـية؛ ازداد السواد في بغداد، نحيبٌ وبيوتٌ خائفة، يحاول الآباء دوما أن يزيدوا من سُمك جدرانها كي يفروا من مهيمنة” الحيطان الها اذان”
الشوارع، والدرابين الضيقة، تتقدمها الفرق الحزبية التي يجيد الزيتوني فيها القفز فوق البيوت، وكسر الأبواب، وسرعة الكتابة، وسرعة توصيل الموت!
الغروب في بغداد كان ثقيلا، تعقبه جريدة المساء، وما ان تنتهي ويبدأ بثٌ آخر، يقطعه ” الريس” ويبقی ساعات وساعات.. حتی ننام ولا ننام!
فالخوف يغتال أحلامنا!
للأسف يا عواطف، لم تشاهدي كيف أصبحت بغداد؟!
لقد ودعت السكون، وتركت النوم، وراحت تركض بحريةٍ، تراقص قطرات المطر، والمطر يعانق القباب، والقباب تفتح يديها لتحتضن الزائرين، والخطوات تسابق الأنفاس شوقا إلی سيدها!
ٓــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- عواطف وأمل، كمال السيد:١١